الجمعة، 17 فبراير 2017



                            إحْدَاثِياتْ

تأسست منظمة الأمم المتحدة في سنة 1945 م وتضم حتى الان 193 من الدول الأعضاء وتقبل عضوية الدول في المنظمة بناءً على قرار من الأمانة العامة وتوصية من مجلس الأمن الدولى وهما من الأجهزة الرئيسية في المنظمة إضافة إلى محكمة العدل الدولية ومجلس الوصاية والمجلس الإقتصادى والإجتماعى , ومن أهم الأهداف التي تسعى المنظمة الدولية لإرسائها هى حفظ وصون الأمن والسلم الدوليين وتحقيق التعاون الدولى وتنمية العلاقات الودية بين الأمم على مبدأ حق المساواة في السيادة للدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها , فميثاق منظمة الأمم المتحدة مُستهل بعبارة " نحن شعوب الأمم المتحدة " وتُعتبر المنظمة وقراراتها هى المرجع للخلافات والنزاعات التى تنشأ بين الدول ويتم حلها على مبدأ منع إستخدام القوة أو التهديد بها , وفى السنوات الماضية وفى تطور مسار المسؤولية الإنسانية والأخلاقية من قادة وزعماء العالم تجاه شعوب الدول وتماشياً مع مبادئ وأهداف المنظمة فقد قام الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته / باراك أوباما في يوم الجمعة الموافق 13/01/2017 بالتوقيع على أمر تنفيذى برفع الحظر الإقتصادى والتجارى المفروض على دولة السودان منذ 20 سنة وهو الأمر الذى من المفترض أن ينصب في عودة الدور الريادى للمؤسسات العِلمية ,التعليم ,الصناعة ,القطاعات المصرفية , الإستثمار , الصحة ومجمل مايرتبط  بتحسن الظروف الحياتية لشعب دولة السودان , حيث لم يأت قرار رفع الحظر عن دولة السودان من فراغ وإنما كان نتيجة لدعم وعمل دؤوب ظل طى الكتمان لكثير من زعماء الدول الصديقة والتى يهمها مصلحة شعب دولة السودان ومن أهم من قام بذلك  الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود ملك المملكة العربية السعودية و ولى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان وسمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دُبى وكذلك سمو الشيخ محمد بن زايد ال نهيان ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس المجلس التنفيذى , حيث أقر بجهودهم الفعالة رئيس دولة السودان عمر حسن أحمد البشير شخصياً وشكرهم على المساهمة في رفع المعاناة عن شعب دولة السودان وكذلك دور العمل الدبلوماسى والمعلومات التى ظلت توفرها الأجهزة الأمنية والإستخباراتية مسنودة بالدعم الشُرطى والتى أسهمت كثيراً في الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب والتطرف , فالسودانيين وفى وطنهم المعروف بحدوده الجغرافية وسيادته وإستقلاله وبكل سحناتهم وألوانهم  ولهجاتهم وثقافاتهم متوحدين تحت عَلم ذلك الوطن ومحترمين وثائقه التى يحملونها من جنسيات وجوازات وغيرها ولم يشهد تاريخهم المعاصر إغتيالات سياسية أو أعمال إرهابية تؤدى بأرواح الأبرياء بل  تعيش وتعمل في دولة السودان الكثير من شعوب الدول الأخرى في جو من السلام والطمأنينة ويحتضن السودان على أراضيه مئات الاَلاف من لاجئ الدول المجاورة وحتى غير المجاورة مثل الشعب السورى الذى تقاسموا معه مايملكون من سُبل العيش , وبرهاناً على أن الشعوب والجماهير تبادل قادتها المحبة والإحترام وتعشق ما يعشقه قادتها حتى لو كانوا من دول أخري وخاصة في مجال الرياضة والتى أصبحت أقوى من أى وسيلة للدعايات الإنتخابية وكسب وجذب الناس , فإننى أتذكر إنه وفى سنة 2000 م وفى صبيحة يوم كأس دُبى العالمى لسباقات الخيل وهو الكرنفال الذى تبدأ فعالياته بعد منتصف النهار ولكننا حضرنا باكراً إلى مضمار " ميدان " لإختيار الموقع المناسب للمشاهدة  وللأمانة وليس تحيزاً فقد كانت هناك أغلبية مطلقة لجمهور دولة السودان وأكثرهم  بزيهم الوطنى المميز بالعمامة للرجال والثوب السودانى للنساء وبعض كلمات العامية وكلمة يازول تنطلق من هنا وهناك وقد كانت أعداداً كبيرة منهم جاءت من الخرطوم مباشرة لحضور ذلك الكرنفال وكذلك بعض الشخصيات الدولية المعروفة  ونجوم الفن والغناء والممثلات العالميات بقبعات فيها الكثير من غرابة الموضة من أوروبا, الأمريكيتين , روسيا , أستراليا واليابان  فسباق كأس دُبى العالمى للخيول وتحديداً الشوط الرئيسى يقام على المضمار الرملى الدائرى بدون حواجز لمسافة 2000 متر في إتجاه عكس عقارب الساعة وهو مُخصص لخيول – الثوروبريد – من فئة 4 سنوات لخيول دول جنوب الكرة الأرضية وفئة 3 سنوات لخيول دول شمال الكرة الأرضية وقد إستطاع الحصان الأسطورة – دُبى ملينيوم – في تلك الأمسية أن يحسم ذلك السباق لمصلحة خيول دولة الإمارات في زمن قياسى بلغ 1:59.50 دقيقة مازال صامداً حتى اليوم ودون أى منافسة تذكر عند وصوله لخط النهاية , حيث غطت هتافات وتصفيق الجماهير على صوت المذيع تماماً وغادر الكثير منهم ولم ينتظر السحب على الجوائز وكأن فوز – دُبى ملينيوم – هى الجائزة التى جاؤوا من أجلها وقد تكرر ذلك الإنجاز المدوى ولكن بمفهوم  اَخر حين حسم الحصان – أفريكان ستورى- سباق 2014 م ومن بعده – برنس بيشوب – في 2015 م لمصلحة خيول دولة الإمارات  ونالا أكبر قدر من الإعلام العالمى وإنهالت التهانى من معظم قادة وزعماء ومؤسسات العالم بفوزهما , ومن روائع الأمثلة على وقوف الكثير من الزعماء إلى جانب الشعوب حتى لوكانوا من دول أخري نجد أن ملك المملكة المغربية الملك محمد السادس وبعد جولة في عدة دول أفريقية في الأشهر الماضية لإستعادة مقعد المغرب في الإتحاد الأفريقى وبعد أن تم ذلك بنجاح بعد 33 سنة مضنية فإن الملك محمد السادس قد أخذ زمام المبادرة عملياً في توحيد وتوجيه دفة أفريقيا نحو التنمية , فبتاريخ 02/02/2017 وفى زيارة تاريخية له لدولة جنوب السودان وقع على 9 إتفاقيات ثنائية بين المملكة المغربية وجنوب السودان من ضمنها موافقة المغرب على تمويل دراسة الجدوى التقنية والمالية لمشروع العاصمة الجديدة لجنوب السودان وإسمها ( رامسييل ) بقيمة 5,1 مليون دولار وسيكلف مشروع العاصمة الجديدة 10 مليار دولار على مدى ال 20 سنة القادمة وستشرف على المشروع شركة العمران التابعة للحكومة المغربية , وعلى مستوى الأفراد فإن واحداً من أنبل المواقف كانت من الملك الأردنى الراحل الملك الحسين بن طلال , فقد وصلت إليه السيدة سميحة المجالى وهى زوجة السياسي الأردنى عاكف الفايز وأرملة رئيس الوزراء الأردنى في ذلك الوقت هزاع المجالى وأخبرت الملك بأن لإحدى صديقاتها  إبن في السجن وهو يُعامل بطريقة غير جيدة وتُمنع عنه الزيارات وقد كان ذلك الإبن هو ليث فرحان شبيلات وحين عرف الملك الحسين بأنه لم يرتكب جريمة أو جناية وإنما كان سجين رأي سياسي ما كان من الملك حسين وفى يوم الجمعة 08/11/1996 إلا أن قاد سيارته بنفسه إلى سجن ( سواقة ) الصحراوى والذى يبعد 70 كلم جنوب العاصمة عَمان وأطلق سراحه بعفو ملكى وإصطحبه إلى والدته , ونجد كذلك أن القضاء وعبر تطبيقه للقانون والعدالة  وإرساء مبادئ العدل  والمساواة وبإعتباره السُلطة الأعلى دائماً فإنه قد أنصف الشعوب , ففى مسعاها الحثيث إلى الوصول إلى أرض الأحلام وبلاد الفرص وهى الولايات المتحدة الأمريكية , نلحظ أن كل شعوب العالم تؤمن بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد  تكونت أصلاً من مزيج رائع من المهاجرين والثقافات والأجناس إنصهروا معاً ليبنوا تلك الدولة العظيمة وهى الولايات المتحدة الامريكية ولكن الرئيس الأمريكى دونالد ترمب قام بإصدار قرار يوم الجمعة الموافق 27/01/2017 بحظر مواطنى 7 دول من الدخول إلى الولايات المتحدة ولمدة 3 أشهُر  وبعد مرور 7 أيام وفى يوم الجمعة الموافق 03/02/2017 أصدرت محكمة فيدرالية حكماً بتعليق قرار الرئيس ترمب إيماناً منها بأنه غير منصف وقد سارت محاكم أخرى على ذلك المنوال ومن الملاحظ أن مواطنى تلك الدول يستطيعون الحصول على جوازات سفر دول أخرى ودخول أميركا هذا إذا لم يكن الكثير منهم من متعددى جوازات السفر
قناعة كل من ينظر إلى الأمر من الناحية الأمنية يجد أن الرئيس الأميركى دونالد ترمب لم يتخذ ذلك القرار بدافع الكراهية لمواطنى تلك الدول أو المسلمين عموماً وإنما كان ذلك لدوافع الأمن القومى الأميركى والمصلحة العُليا للبلاد ومن المؤكد بأنه سيسعى لذلك ولو بِطُرق أخرى مع إستحداث اَلية لكسب المزيد من المسلمين الصالحين المعتدلين إلى جانبه في جميع أرجاء العالم وكذلك المهاجرين حديثاً لأميركا وترمب معروف بأنه ينتمى لعائلة تحب الناس وتتمنى الخير والنماء والسلام لشعوب العالم , فإبنته الكُبرى  "إيفانكا" والتى درست الإقتصاد هى سيدة أعمال ناجحة وعارضة أزياء متألقة تتأثر بها ملايين الفتيات حول العالم  كما إنها قد حصلت في سنة 1997 م على لقب ملكة جَمال مراهقات الولايات المتحدة الأميركية  , أما شقيقتها الصُغرى " تيفانى" والتى درست علم الإجتماع وتخصصت في الدراسات الحَضرية فهى موسيقية و شاعرة رقيقة ومن ضمن كتاباتها في الشِعر الغنائى هذه الأبيات : -

الماس يلمع بشدة
والأشياء الخاصة جداً لاتحجبنى
كل الناس تحب البهجة
لكنها تتوجس من الجنون
ولهذا فغاية ماأطلبه الصفاء

وعلى ذِكر الشِعر وبعكس العلوم التطبيقية فإنه يُعتبر واحداً من أرقى الفنون للتواصل بين البشر وهو لغة الخيال والعاطفة والوجدان ولم يعد الشِعر مجرد كلمات موسيقية وتشبيهات بليغة بل تعدى ذلك لأن يكون أداة بناء وتوجيه وتقويم , فهو ظاهرة إنسانية وجدت مع الإنسان منذ وجوده على وجه البسيطة , وفى مساء الجمعة 10/02/2017 تشرّفت بالتواجد فى نادى ضباط القوات المسلحة في مدينة أبوظبى لحضور الحفل الذى أقيم تكريماً وعرفاناً لسيدة المسرح السودانى ومعلمة الأجيال الفنانة / فايزه عمسيب وقد كان تكريماً وتفاعلاً من الحضور يليق بمسيرتها وذادته ألقاً فنانة السودان الأولى الفنانة / ندى القلعة والتى أطربت الحضور بإنتقاء ما يليق بالمناسبة من أغانى , أما عشاق الشِعر فلم تبخل عليهم الشاعرة المتميزة / نضال حسن الحاج بقصائد رائعة إختارتها بعناية فائقة لتعيد لنا ذكريات الشاعرة الأستاذة / روضه الحاج ومهندسة التواصل الشاعرة المهندسة السودانية / مُنى حسن الحاج وقد تفاعل الجمهور مع تلك المناسبة حتى الساعات الاُولى من فجر اليوم التالى في نادى ضباط القوات المسلحة في مدينة أبوظبى


                                                                جمال حسن أحمد حامد   

                                                            دولة الإمارات العربية المتحدة

الجمعة، 6 يناير 2017

                               

                                لَمْحَةٌ مِنْ أغْلَى الذِكْرياتِ فِي دَولةِ الإمَارَاتْ



    فى صيف سنة 1986 م وعندما حطت بي  الطائرة سى 130 لأول مرة في واحد من مطارات إمارة أبوظبى المخصص لذلك الطراز من الطائرات وهو مطار البطين , وبعد السنين التى عشتها في دولة الإمارات العربية المتحدة فقد أصبحت كغيرى على قناعة تامة بأن مدينة أبوظبى قد إنتزعت مركزاً من ضمن العشر مدن الأسرع نمواً في العالم بإقتدار وتخطيط وذلك قياساً على مؤشر المنتدى الإقتصادى العالمى الذى أصدر تصنيفه معتمداً على المعطيات بين 2009 – 2015 للمدن الأكثرسرعة في النمو والتوسع العمرانى في العالم
ففى منتصف الثمانينات وحينما كانت مدينة أبوظبى أقل تواضعاً من مستواها الحالى لم يكن يعيش فيها وفى بقية الإمارات الأخرى سوى بعض الجنسيات التى جاءت من بعض الدول العربية والاسيوية للعمل ومعهم بعض الخبراء من دول أخرى , حيث لم يكن هناك وجود ملحوظ وكثيف لشعوب من دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والشرق الأقصى وإتحاد الجمهوريات السوفيتية الإشتراكية سابقاً والذى تفكك في 26/12/1991 ليفرز إتحاد روسيا الحالى , فقد كانت شعوب تلك الدول تأتى إلى دولة الإمارات في موسم الشتاء كأفواج سياحية ويتنقلون بين الإمارات في جماعات وغالباً مايصحبهم دليل سياحى , أما حالياً فقد إنتقل جزء كبير من شعوب تلك الدول بكامل عائلاتهم للعمل والعيش في دولة الإمارات وهم يتجولون في الشوارع والأسواق ومراكز الترفيه فرادى وجماعات بأمن وأمان وأولادهم وبناتهم يتلقون أرقى التعليم في مختلف الإمارات , وليس ذلك بسبب الطفرة الحضارية والعمرانية فقط وإنما كان لعنصرى العائد المادى والأمان الدور الكبير في ذلك , فقد نال مسؤولى الأمن في الدولة مراكز متقدمة عالمياً عبر كفاءتهم وبشهادة معاهد ومراكز دراسات متخصصة ومنها على سبيل المثال معهد ليجاتوم البريطانى الذى صنف دولة الإمارات في سنة 2014 م في المركز الأول عربياً والخامس عالمياً من خلال تقرير أكد فيه 92% ممن شملهم الإستبيان بأنهم يشعرون بالأمان التام في الدولة , وإذا كنت قد عشت عقوداً من عمرى في مدينة أبوظبى بكل فصولها وأحكامها كجزء من نهج الحياة في مثل هذه الأرض الاَمنة , فإن من أقدس الذكريات الراسخة في ذهنى من تلك الحقبة إنها قد أتاحت لى ولأول مرة بأن تكون منطلقاً لى لزيارة المملكة العربية السعودية  وكان ذلك في بداية التسعينات وبعد أن وضعت حرب الخليج أوزارها مباشرة , حيث قضيت العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم في واحدة من أطهر بقاع الأرض وهي مكة المكرمة وأنا عابراً أراضى المملكة في طريقى براً إلى مدينة بورتسودان بغرض زيارة والدتى / زهره عيسى و قضاء إجازة عدت بعدها إلى مدينة أبوظبى بدولة الإمارات

                                                           



                                                              جمال حسن أحمد حامد

                                                         دولة الإمارات العربية المتحدة

الاثنين، 28 نوفمبر 2016

العيد الوطنى 45 لدولة الإمارات العربية المتحدة

  إن واجب الوفاء والعرفان لوطن وفر الحياة الكريمة والسعيدة لكل أبنائه والمقيمين على أرضه يتطلب منا جميعاً أن نجعله دائماً فى أعماق قلوبنا

الجمعة، 21 أكتوبر 2016

الوثيقة الوطنية


بسم الله الرحمن الرحيم

جمهورية السودان




مؤتمر الحوار الوطني
الخرطوم ١٠ أكتوبر ٢٠١٦
الوثيقة الوطنية


                                                 بسم الله الرحمن الرحيم
                                          الوثيقة الوطنية    


توطئة :


نحن أهل السودان الممثل في التنظيمات السياسية والحركات المسلحة وقوى المجتمع بكافة مكوناته وشرائحه والشخصيات الوطنية والقومية، إدراكاً منا بما يتميز به هذا الوطن وبإرثه الحضاري المتفرد وموقعه الأستراتيجي بالقارة الإفريقية، وإستلهاماً من وجدان شعبه، وتأكيدا للقيم النابعة من تنوعه وتعدده والتي تعتبر مصدر قوة ومنعة، وتعبيراً عن آمال وتطلعات شعبه المنعقدة لتأسيس دولة قوية وعظيمة ينعم فيها أبنائه وبناته بحياة كريمة.
وإنطلاقاً من خصوصية هذا الشعب التي تتوحد مشاعره الوطنية نحو السمو والرفعة لوطنه رغم كل ماأكتنف مسيرته منذ استقلاله.
وإذ نؤمن بأن إرادته دوماً وستظل غلابة في تحقيق غاياته ومستقبله متحدياً كل الصعاب وإعترافاً وإعتباراً بما شهدته بلادنا من تباين وإختلاف وصراع بين أبنائه مسلحاً ومدنياً وتجاوزاً لذلك الماضي وجراحاته.
وإيماناً منا أن قضايا السودان لاتحل إلا عبر الحوار، لذا نبعت فكرة الحوار الوطني عبر مبادرة كريمة من رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير، كحزمة متآذرة من الحوار السياسي  )الحزبي( والحوار المجتمعي، فضلاً عن برنامج إصلاح أجهزة الدولة، إستشعاراً منه بالمسئولية الوطنية الهادفة وتحقيقاً وتجسيداً لأمل وطني لتوحيد إرادة الأمة نحو تحقيق أهدافها المشتركة لبناء السودان ووحدة شعبه وحماية ترابه الوطني .
وإننا ندرك أن مبادرة الحوار الوطني والمجتمعي أمر حتمي فرضته ضرورات وطنية وتحديات بالغة الأهمية لمواجهة المخاطر التي تهدد كيان ووحدة تراب الوطن وشعبه، ونسعى عبرها لإعادة إنتاج دور سوداني مشرف تجاه الإنسانية ليتم علي خلفيتها، وإستلهاما لروح معانيها وغاياتها وقيمها، ووضع الإستراتيجيات والخطط والسياسات الوطنية، لتتبلور خلفها الإرادة بالتنفيذ الجاد المسئول.
وإذ نشير لتدافع وقبول جميع القوى وإستجابتهم لتلك المبادرة الهادفة لتحقيق الحلم الوطني الذي يجمع ويوحد الإراده الوطنية المعبرة عن حماية المصالح العليا للدولة والوطن وتأكيداً لوحدة شعبه وحرمة دماء أبنائه وبناته.
ونحن إذ نشهد ونشيد بتوافر الإراده السياسية للدولة وتصميم وعزيمة المشاركين في الحوار الذي أسهم ويسر لنا تتويج هذا الجهد بمخرجاتٍ وبوثيقة وطنية تؤسسان لعقد إجتماعي بين أبناء السودان يعزز ويرسخ من خلالها مبادئ الحرية والشورى والديمقراطية وسيادة حكم القانون والعدالة والمساواة 
واننا إذ نؤكد على إحترام وتعزيز وحماية حقوق وكرامة الإنسان السوداني التي أرستها الشرائع السماوية والمعاهدات والمواثيق الدولية وقيمه الروحية وأعرافه وتقاليده المرعية الحسنة.
وإذ تقاطرت جموعنا، التي ضَمّت تسعة وثمانون حزباً وستة وثلاثون حركة مسلحة بالإضافة إلي ممثلي المجتمع المدني والشخصيات القومية، في لقاءٍ وطني جامع ومشهود بقاعة الصداقة بالخرطوم أذهل الجميع تسامت فيه كافة القيادات فوق خلافاتها وجراحها وتلاقت وتصافحت وتعاهدت لطي صفحة الماضي عبر حوار يسع ويعم الجميع لا يستثني احداً عبر التراضي والتوافق وإيلاء قيم الحوار مبدأً لا نحيد عنه، إعترافاً بالأخر وإقراراً بالتعدد والتنوع لبناء دولة الوطن التي تسع الجميع .
وإستدراكاً منا للتحديات الكبيرة والمخاطر التي تحدق بالوطن، إنخرط الجميع في التداول حول المحاور الأساسية لقضايا الوطن في الهوية، والسلام والوحدة، والحريات والحقوق الأساسية، والإقتصاد، وعلاقاتنا الخارجية وحسن الجوار، وقضايا الحكم ومخرجات الحوار، تأميناً لمسيرة البلاد ولصونها وحمايتها تفجيراً لطاقاتها واستغلالاً لمواردها وتوظيفها من أجل أن ينعم الشعب بحياة كريمة متجاوزين عقوداً إتسمت بعدم الإستقرار بأبعاده المختلفة سياسياً، وأمنياً، وإقتصادياً ومجتمعياً كنتاج لإختلاف في الرؤى والأفكار التي يمكن أن نتواضع ونتوافق عليها لبناء هذا الوطن العظيم.
وتعبيراً عمّا إلتزمنا به فقد شهدنا وشاركنا عبر حوار بناء وصريح وعميق تأكدت وتجلت فيه عظمة وكبرياء هذا الشعب رغم كل التحديات والصعاب التي واجهت مسيرة الحوار وتواثقنا علي الاتي :

الهوية :

بأننا سودانيون هويةً، وهويتنا إكتسبت بُعدها من الثقافات والأعراق المشتركة في تكوينه ، وإمتزاجها أعطى هذا الكيان المتفرد من أهل السودان رسمه ووصفه وسمته، وهي بعدٌ ذو خصوصية لموقعنا الجغرافي حيث أدت لتلاقح بين الثقافات أطر ثقافتنا السودانية بمكوناتها وأجزائها المتنوعة، منحدرين عبر تاريخ طويل تعاقبت فيه الحضارات المبدعة فشكلت ذاكرته وتراثه وغذّته الأديان السماوية المتعاقبة بالقيم الفاضلة التي يعمر بها وجدان أهله، وفي هذا الأطار تصبحالمواطنة ولاءً وجدانياً وانتماءً شاملاً للوطن الذي يعكس ويجسد مكوناته الحضارية والقيمية والثقافية وتقاليده وأعرافه المرعية وتقوم عليها قاعدة المساواة في الحقوق والوفاء بالواجبات والتي تتجاوزالأنتماءات الأضيق )الإثنية والقبلية والجهوية والطائفية والمذهبية( والإرتقاء بمفهوم الإنتماء الوطني الأرحب المستصحب لكل الأبعاد السياسية والثقافية والإجتماعية وتحقيق معاني الإنتماء للوطن والولاء له وعدم المساس بحرماته او الإساءة اليه والعمل على إبراز الصورة المشرفة له فى  الداخل والخارج .

 الإقرار بالتنوع والإعتراف بالتعدد الثقافي والإجتماعي لمكونات الشعب السوداني والتي تشكل مع قيمه القاعدة لهويته السودانية.
 غرس وبناء معاني الهوية وتعزيزها في وجدان النشئ بإعلاء قيم المواطنة.

الحريات والحقوق الأساسية :

 الحرية هبة من الله وهي مسئولية أخلاقية ووطنية صوناً وإشاعتها حقا للجميع.
 إقرار دستور ينبع ويعبر عن إرادة الشعب.
 تكون المواطنة هي الأساس والمعيار لكافة الحقوق والواجبات لكل أبناء السودان.
 حرية الفكر والإعتقاد وممارسة الشعائر الدينية دون إكراه او تضييق.
 إحترام وتعزيز وحماية حقوق وكرامة الإنسان.
 تعظيم قيمة وهيبة دولة القانون وإرساء قيم العدل والمواطنة ونبذ العصبية والجهوية بكل أشكالها.
 إعمال مبادئ الشفافية والمساءلة المحاسبية والمؤسسية وسيادة حكم القانون.
ممارسة الشورى والديمقراطية منهجا وأساسا للحكم من خلال التعددية السياسية.
حرية التعبير والتنظيم والتجمع والتنقل والمشاركة في الحياة العامة.

السلام والوحدة :

 تأكيد السيادة الوطنية وحماية المصالح العليا والولاء والإنتماء للدولة.
 نبذ العنف بكل أشكاله وصوره والإلتزام بمبدأ الحوار لتناول كافة قضايا الوطن.
 تعزيز ثقافة السلام والتسامح والتراضى والسعى للبناء الوجداني الذي يعزز التصالح الوطني.
 بناء وتمتين النسيج الإجتماعي وترسيخ السلم والتعايش السلمي بين أبناء السودان.
 حماية الأسرة ورعاية النشئ بتحقيق الضمان والحماية والأمان الإجتماعي.
 تأمين وتمكين وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة.
 تعزيز قدرات الدولة في تحقيق الأمن الشامل وتحصين المجتمع ضد الجريمة.
 إرساء قيم العدل والمساواة بين أبناء الوطن في أطار دولة القانون.
 تفعيل دور المجتمع المدني والاهلي ودعم مبادراته.

الإقتصاد :

 إعتماد فلسفة إقتصادية تقوم على الحرية والمسئولية الإجتماعية ، وتؤسس لعدالة توزيع الدخل القومي والمحافظة على البيئة وإستدامة الموارد وتهيئ لإمتلاك القدرات التنافسية للإنتاج الوطني ومن ثم الإنفتاح علي الأسواق العالمية.
تحقيق تنمية إقتصادية وفق رؤية إستراتيجية شاملة تقوم على المعرفة، ترتكز على المعاني الإنسانية والإجتماعية والبيئية .
 إعتماد استراتيجية قومية للتخطيط والتنمية الإقتصادية بما يحقق أهداف التنمية المستدامة ويجسد التوازن التنموي ويعزز العدالة الإجتماعية والرفاه للشعب ويكافح الفقرمع مراعاة التمييز الايجابي للمناطق التي تأثرت بالحرب.
 إعتماد توجه إستراتيجي إقتصادي مختلط، يقوم على الزراعة والصناعة والمعادن والسياحة والخدمات والسعي لإستغلال وتوفير الطاقات النظيفة والمتجددة.
 السعي لتحقيق الإكتفاء الذاتي والأمن الغذائي.
 توسيع فرص التشغيل في الإقتصاد الوطني ومكافحة البطالة.
 تهيئة الترتيبات الداخلية المناسبة لإدارة الشراكة الإقتصادية الإقليمية والدولية.
 حماية البيئة والموارد الطبيعية والحقوق المائية.

العلاقات الخارجية :

تَبَنّي سياسة خارجية تحقق التوازن بين مقتضيات المصلحة الوطنية العليا بما يعزز المصالحالمشتركة التي تلبي طموحات الشعب وتعلي مبادئه.
إنتهاج سياسة حسن الجوار مع كافة الدول وتأكيد وتعزيز علاقات التكامل والتعاون في المحيطينالإقليمي والدولي.
التأكيد على إحترام المعاهدات والمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان والسعي لتعزيز العدالة في العلاقات الدولية.
الإحترام المتبادل بين الدول وعدم التدخل في شئون الأخرين.
تَبَنّي سياسات تهدف الى تحقيق الأمن والسلم العالمي ومحاربة ومكافحة التطرف العنيف والإتجاربالبشر.

قضايا الحكم ومخرجات الحوار :

 إختيار الحكم الفدرالي نظاما للحكم في مستوياته الثلاثة الإتحادي، الولائي، المحلي مع إيلاء دور أكبر للحكم المحلي.
 إعتماد النظام الرئاسي نظاما للحكم،ويجري إختيار الرئيس فيه بالإنتخاب الحر المباشر.
 يرتكز نظام الحكم على أُسس ومعايير ومنهج الحكم الراشد،ويتم تداول السلطة فيه سلمياً في أطارمنافسة حرة نزيهة.
 يكون للدولة مجلسان أحدهما للنواب والأخر للولايات.
 إعتماد مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

ونحن إذ نؤكد أهمية توفير السند الشعبي لإدارة الدولة وتوحيد إرادتها وتعزيز قدراتها التفاوضية والتأسيس العلمي لسيادة نظامها ولبلورة مسارها الإستراتيجي لتحقيق الغايات الوطنية في مقدمتهاالتشارك الوجداني والرضا الوطني، وذلك من خلال :
 التوافق حول الوثيقة الوطنية والإلتزام بها والمحافظة عليها وحمايتها.
 بناء إستراتيجية قومية تنبع منها خطة للدولة تكون ملزمة للجميع معبرة عن الرؤيا الوطنية السودانية، يتم إعدادها على هدي وروح الوثيقة الوطنية وتوصيات الحوار الوطني والمجتمعي.
 تحقيق التكامل والتناسق للعمل الوطني من خلال مراجعة وتنسيق السياسات والتشريعات لتتناغم مع روح ومعاني الوثيقة الوطنية والإستراتيجية القومية.
 الإصلاح الشامل لأجهزة الدولة .
 تحقيق الرضاء والوفاق الوطني والإنتماء للدولة.
 سيادة حكم القانون والنظام وروح المؤسسية والحريات.
وإيمانا منا بضرورة تعزيز القوة العلمية والتقنية للدولة والتحول نحو مجتمع المعرفة والتميز والإبتكار، بغرض توفير السند التقني والإنتاج المعرفي المطلوب لتحقيق الغايات الوطنية والتعامل مع قضايا المسارالإستراتيجي للدولة، والذي يفضي للسلام والتطور والتقدم ويحقق التميز والجودة والكفاءة والمواكبة والمحافظة علي البيئة والإستغلال الأمثل للموارد.
وتأسيسا لإعلام مهني مسئول، يحقق المبادرة والقدرة على وصول ومخاطبة الجمهور المحلي والعالمي تحقيقاً للغايات الوطنية ولِقِيَم ومرتكزات الوثيقة الوطنية وتعزيزاً لثقافة الدولة والسلام والتعايش السلمي ونبذاً للعنف وتعزيزاً للإنتماء الوطني وتشجيعاً للوحدة الوطنية.
وإدراكاً منا بضرورة تحقيق الضمان والحماية والأمان الاجتماعي والمحافظة على مجتمع متجانس متفاعل إيجابياً يعزز حقوق الانسان وكرامته وعزته وجدانياً ونفسياً وعقلياً وبدنياً، ونشر المعرفة محواً للأُمية وتوفير المورد البشرى المؤهل من حيث السلوك الأخلاقي المهني وتنمية المهارات والقدرات والإنتماء للوطن من خلال :
 الإرتقاء بالقيم والنهوض بالمستوى الفكري والوجداني الذي يستوعب تحديات العصر.
 تطوير المورد البشري السوداني بمعارف ومهارات تناسب التحديات المحلية والعالمية وتسهم في تعزيز الهوية السودانية وصياغة السلوك الوطني والمهني المناسب لتحقيق النهضة وبناء المستقبل المنشود وإرساء التعايش السلمي في ظل التعدد وتسهم في تشكيل العقل القومي وتعزيز الولاء والحس والإنتماء الوطني.
 تأسيس نظام تعليمي وتربوي، فعال.
تقوية البناء الأُسري وتعزيز دور الأُسرة في التنشئة وتطوير آليات الحماية الإجتماعية وتنمية ورعاية ذوي الحاجات الخاصة.
 توفير خدمات صحية وقائية علاجية متطورة متوازنة مستدامة وشاملة.
 تنمية قدرات الشباب المعرفية والإنتاجية والثقافية بما يعزز الهوية والإنتماء للوطن ويعزز مشاركتهم في تحقيق التنمية ويمكنهم من تحقيق تطلعاتهم والتعامل مع مستجدات العصر وتحدياته بكفاءة.
وإلتزاما منا نحو إستنهاض كافة شرائح الشعب السوداني ومكوناته السياسية والإجتماعية المعبرة عن آماله وتطلعاته للتوافق والتعاضد تحقيقاً لوحدة إرادة الأمة نحو التصالح الوطني والتعايش السلمي نعلن أن الوثيقة الوطنية تفسح المجال للقوى السياسية والحركات المسلحة التي لم تشارك في الحوار الوطني للإنضمام اليها.
وتمشياً مع روح هذه الوثيقة نُعّبرعن إلتزامنا بأن نضع مصلحة الوطن فوق كل إعتبار تحديداً للأهداف والمبادئ والمرتكزات التي يتأسس عليها مستقبل السودان من وحدة شعبه وتعبيراً عن هويتنا كسودانيين التي تعززها وترسخها الوثيقة الوطنية.
ونؤكد من واقع مسئوليتنا الوطنية، التزامنا الكامل بما توصلنا اليه في الحوار الوطني من مخرجات، ونعلن تعهدنا بالمضي قدماً لتنزيله وتطبيقه واقعاً ملموسا بين كافة قطاعات ومكونات وشرائح أهل السودان. وإيفاءاً لهذا الالتزام وتحقيقا له بإرادة وطنية خالصة نُوَقِّعُ علي هذه الوثيقة لنفتح صفحة جديدة نأمل أن تكون ناصعة من تاريخنا.