ألإرتقاء بواقع الشعوب
أثيوبيا هى الدولة الأفريقية التى يوجد فيها المقر الدائم للإتحاد الأفريقى وكلمة أثيوبيا باللغة الأمهرية تعنى الأنصار وقديماً كان يطلق عليها إسم الحبشة وذلك نسبة الى قبائل – حبشت – والتى هاجرت من اليمن إلى أرض الهضبة وذلك بعد إنهيار سد مأرب واستوطنت فيما يُسمى اليوم بأثيوبيا والتى كانت فى عهد الملك النجاشى أيضاً ملاذاً لهجرة المسلمين من مكة والتى تأذوا فيها من كفار قريش حيث قيل عن الحبشة ( إن بها ملكاً لايظلم عنده أحد وهى أرض صدق ) , وبالإضافة إلى أن إثيوبيا تملك حالياً واحدة من أفضل الخطوط الجوية والتى تكاد تغطى كل القارة الافريقية من ضمن 70 وجهة عالمية فإنها أيضاً تعتبر الدولة الوحيدة فى أفريقيا مع ليبيريا التى لم يتم إستعمارها , حيث دخلتها القوات الإيطالية الغازية ولم يتسنى لها المكوث فيها أكثر من سبعة سنوات قضتها فى معارك لم تستطع من خلالها فرض نظام حكم إستعمارى كما حدث فى الدول الأخري
فى يوليو2015 ومن مقر الإتحاد الأفريقى فى
العاصمة أديس أبابا خاطب الرئيس الأميركى باراك أوباما الشعوب الأفريقية وقادتها
والعالم أجمع كأول رئيس للولايات المتحدة الأميريكية يفعل ذلك من ذاك المقر ويلفت نظر العالم إلى تلك القارة
والتى تضم 10 من الدول العربية بما فيها جُزر القمر , وقد أكد أوباما بأن أفريقيا
تشهد نمواً وتطوراً تاريخى وإستثنائى يفترض أن يبلغ حجم الطبقة الوسطى فيه حوالى مليار مستهلك وأن على القادة الافارقة إجتثاث المحسوبية
والفساد المستشري فى وسط المسؤولين وهى العوامل التى تبتلع مليارات الدولارات من
ثروات الشعوب وكذلك ضرورة القضاء على الأرهاب والذى كثيراً ما عطل التنمية
والتركيز على إرساء الأمن والسلم , فالولايات المتحدة الأميريكية وبما لديها من
سطوة عسكرية وإقتصادية وعِلمية واضحة فإنها لم تستخدمها مطلقاً فى إستعمار الدول
وإذلال الشعوب ونهب ثرواتها ومقدراتها كما حدث من بعض الدول التى إستعمرت دولاً
أفريقية من قبل , بل سعت دائماً إلى إقتلاع الدكتاتوريات والطغاة وتمكين الشعوب من
الوصول إلى الحرية والرفاهية والتقدم والعيش بكرامة وخلق معطيات لحياة أفضل وإن
إختلفت أميريكا مع قادة بعض الدول فى تفسير هذا المفهوم , فالاتحاد الأفريقى عليه
الكثير من المسؤولية للتعامل مع قادة الدول التى تدور فى فلكه وهو منظمة مرنة
ومتطورة من خلال الأخذ بكل ما يصب فى ذلك الإتجاه وأذكر إنه تمت دعوتى إلى مقر
الاتحاد الأفريقى فى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا فى أغسطس 2006 لحضور إحدى ورش
العمل التى تتعلق بمنطقة نزاعات وحروب فى أقصى غرب السودان وعندما أقترحت ضرورة
زيارة تلك المنطقة والوصول والتحدث الى الأهالى هناك فوجئت بأن تم إختياري وتكليفى
للذهاب إلى تلك المنطقة النائية وقد وصلت السودان عبر الخرطوم ووجدت كل تعاون من
المسؤولين هناك ومن ضمنهم المهندس عبدالله مسار والذى كان يشغل منصب مستشار رئيس
جمهورية السودان وقد أديت ماهو مطلوب بالوصول إلى ضحايا النزاع الحقيقيين والاستماع إلى وجهة نظرهم والإلتقاء
بالناس هناك وهم يحدوهم الأمل بأننا سنفعل شيئاً من أجلهم خاصة أصحاب المبادرات
التنموية والتى هى ليست لأى غرض سياسي أو عائد إقتصادى وبعدها عدت إلى أديس أبابا ,
وفى ديسمبر 2006 تمت دعوتى إلى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا مرة أخرى لحضور إحدى
المؤتمرات التى ترعاها منظمة الأمم المتحدة ولكن بعض الزملاء الذين أتوا من أقطار
متعددة أثاروا مشكلة إنهم يعتنقون الإسلام عندما إكتشفوا فى الصباح بأن المكان
الذى أنزلونا فيه هو مبنى – المنظمة المسيحية للتنمية – ولكن القائمون على تنظيم
ذلك المؤتمر أكدوا بأنه لاضير فى ذلك فالمكان مجهز لمثل هذه المؤتمرات وبه قاعات
كبيرة لذلك وكذلك توجد فى كل غرفة سجادة للصلاة لمن أراد أن يصلى ومن ضمن زميلاتنا
المشاركات فى ذلك الوقت كانت هناك الزميلة والأخت مريم شوقى وقد جاءت ممثلة لمكتب
جمهورية مصر التابع لمفوضية العون الإنسانى بمنظمة الأمم المتحدة وبروح البشاشة
والزمالة فى العمل العام وبما إنها تعتنق الديانة المسيحية فقد إقترحت على الموجودين فى ذلك المؤتمربأن تشاركهم صلاة وإحتفالات عيد الأضحى والذي صادف يوم 30 ديسمبر 2006 م على أن
يشاركوها إحتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة والتى ستكون يوم 31 ديسمبر 2006 م أى
اليوم التالى وهو ثانى أيام عيد الأضحى فى بادرة طيبة تجسَد إمكانية التعايش
والتسامح بين الناس فى الوقت الذى كانت
فيه إحتفالات أعياد الكريسماس لم تنتهى بعد , والجدير بالذكر أن سنة 2006 م التى حضرنا خواتيمها فى أديس أبابا هى
السنة الميلادية التى تكرر فيها عيد الأضحى المبارك مرتين وهى ظاهرة وبالحسابات الفلكية لن تتكررمرة أخري إلا بعد33 سنة أى فى سنة2039 م
أما بالنسبة للشركات العابرة للقارات والتى
ترى فى أفريقيا سوقاً خصبة لمنتجاتها فإن عليها أولاً التخلى عن الجشع فيما تريده
من أرباح من خلال الدخول إلى تلك السوق وإعادة التفكير فى رواتب رؤوساء مجالس
إدارتها ورؤسائها التنفيذيين والتى تصل إلى ملايين الدولارات فى السنة الواحدة
وعليها أن تتحلى بالمسؤولية الاخلاقية ودورها الإجتماعى فى تنمية إنسان تلك القارة
والوصول به إلى مستوى يكون فيه راغباً و مستطيعاً على إستهلاك منتجاتها ولايمكن
القفز إلى إستغلال قطاعات سوقية هناك بناها الغير , فشركة مثل جنرال الكتريك والتى
يرأس مجلس إدارتها جيف إميلت تعتزم إستثمار 70 مليون دولار بحلول عام 2017 لبناء
مركز إبتكار بغية تطوير المهارات فى جنوب أفريقيا وحدها , وقدمت أيضاً مسابقة –
تحدى الطاقة خارج الشبكة – وقد نجحت فى تطوير وتوسيع حلول الطاقة خارج نطاق الشبكة
وقدمت أيضاً 20 مليون دولار للحد من وفيات الأمهات والأطفال فى نيجيريا وحدها وقامت
بتوظيف الاف السكان المحليين وتعتبر هذه
هى الوسيلة التسويقية الأمثل للوصول إلى عقل ورضاء المستهلك وليس الاكتفاء بالاعلانات
المقروءة أو المرئية , وفى عالم أصبح فيه الكثير من الرؤوساء التنفيذيين والخبراء يحملون
عدة جنسيات فإن الشركات الكبرى لاتجد أى حرج فى الاستعانة بمن يحقق أهدافها ولو
كان من دولة أخري , فشركة جنرال موتورز إحدى الشركات العملاقة فى صناعة السيارات
فى العالم عرضت من قبل على البرازيلى – كارلوس غصن – إدارة الشركة , وكارلوس غصن
ذو الأصول اللبنانية يحمل الجنسية البرازيلية واللبنانية والفرنسية ولكنه إعتذر
لشركة جنرال موتورز بكل لباقة رغم العرض المغري فقد كان يربطه التزام أخلاقى
بتحالف شركتى نيسان اليابانية ورينولد الفرنسية بصفته رئيس مجلس الادارة والرئيس
التنفيذى إضافة إلى إنه رئيس مجلس إدارة مصنع السيارات الروسية أفتوفاز وكان ذلك
أيام الأزمة الاقتصادية العالمية , وقد إستطاع كارلوس غصن الخروج بتحالف تلك
الشركات من أزمتها وحقق نجاحاً منقطع
النظير حيث أستطاع فى الفترة من 2010 – 2014 أن يستحوذ على 10% من السوق العالمى
للسيارات ونال العديد من الألقاب والجوائز ومنها :-
- رجل أعمال اسيا عام 2002
- واحد من أقوى 10 رجال أعمال خارج الولايات
المتحدة الأميريكية عام 2003
- فارس فخري للإمبراطورية البريطانية عام 2006
- واحد من أكثر المدراء التنفيذيين إحتراماً
عام 2010
- قائد أعمال اسيا عام 2011 وأول شخص فى مجال
صناعة السيارات ينال جائزة إنجاز العمر فى ترسيخ أخلاق إدارة الأعمال
وشخص بمثل هذه الإنجازات والأخلاق المهنية الرفيعة
ينتظره الكثير من العمل للتمدد فى أرجاء القارة الأفريقية كلها وليس إختزال
تنميتها فى دول محددة وذلك وفق توجهات منظمة الأمم المتحدة بالتركيز على إسعاد
الناس والمساهمة فى تنمية مقدرات الانسان أولاً وتطوير محيطه الإجتماعى دون إستغلال حوجته لأي أغراض ودون التمييز بسبب الدين أو اللون أو العرق وعلى الشركات
الربحية الإرتقاء بقوته الشرائية ليصبح مستهلكاً لمنتجاتها وتكنلوجياتها إذا هى أرادت المزيد من الأسواق
جمال حسن أحمد حامد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق