العراقيون..شعب يستحق التكريم
بعيداً عن مرارات وضغائن الحروب والظلم
والعدوان بين أكثر من دولة عربية فإن شعلة التسامح والتعايش ظلت متقدة فى نفوس
الشعوب , وهو من المبادئ السامية التى نادى بها أكثر من مسؤول فى المملكة العربية
السعودية وباقى الدول المعتدلة وزادت دولة الإمارات على ذلك بأن أنشأت وزارة مخصصة
لمثل هذه الاهداف النبيلة وهى وزارة التسامح , وإذا كانت الأجيال الجديدة من شباب
الاٌمُة العربية قد نشأت بعد تلك المصائب التى لا يد لهم فيها وتستحق الرعاية من
أولى الأمر على إمتداد الخارطة العربية , فإن الشعب العراقى وعبر شبابه أولى بأن
تشملهم تلك الرعاية وهم أبناء دولة وبعيداُ عن السياسة والطائفية وقرارات بعض
القادة البعيدة عن إرادة الشعوب , قدم شعبها للاُمٌة العربية مالايمكن إيجازه فى هذه السطور
, فالمعنيين بالدراسات الحضارية يجمعون على
أن السومريين هم بناة اقدم حضارة فى تاريخ البشرية وقد أكدت هذه الحقيقة جميع البحوث
الاثرية التى أجريت على مناطقهم , ففى حوالى 3200 ق. م
إبتكر السومريون الكتابة وعمدوا إلى نشرها فقامت فى بلاد سومر أول المدارس فى
تاريخ البشرية , فإسهامات العلماء والفلاسفة والأطباء والمهندسين الذين قدمهم
العراق للبشرية عبر تاريخه الزاهى لاتحصى
ولاتعد , وإذا كانت دولة الإمارات قد مدت يدها وسخرت كل إمكانياتها للوقوف إلى
جانب الدول والشعوب الصديقة فإنها لم تنسى أيضاً تكريم المنظمات والشخصيات التى
وقفت إلى جانب دولة الإمارات فى يوم من الأيام , فقد كرَم سمو الشيخ محمد بن زايد
آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الاماراتية فى مارس 2016 م ثمانية من الشخصيات المميزة التى قدمت أعمالا جليلة لمجتمع أبوظبي
وذلك ضمن حفل تكريم جائزة أبوظبى والتى
إمتد التكريم فيها ليشمل الدبلوماسي والسياسي الدكتور عدنان الباجه جي الذى ساهم
في أداء دور مهم بتشكيل البنية السياسية في دولة الإمارات ووضع أسس سياسة الدولة
الخارجية وكان الباجه جي قد انتقل إلى دولة الإمارات حاملاً معه خبرة واسعة في
مجال الشؤون السياسية والتي كان لها أثر كبير في تأسيس دولة الإمارات العربية
المتحدة .. كما أشرف على الحملة الدبلوماسية التي التحقت على أثرها دولة الإمارات
بمنظمة الأمم المتحدة لتكون الدولة الأولى التي تخاطب المنظمة باللغة العربية في 1972م
والجدير بالتنويه أن الباجه جي ساهم في سبل نهضة الدولة وشغل العديد من المناصب
الحكومية إلى جانب عضويته في مجموعة من أهم المؤسسات في أبوظبي وتتضمن قائمة
إنجازاته العديدة الانضمام إلى المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي في نسخته الأولى
والمساعدة في وضع أسس سياسة الدولة في عهد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
والمساهمة في تطوير دستور دولة الإمارات ومشهود للباجه جي ورغم تقدمه فى السن
بكونه رجلا معطاء وحريصا على نقل خبرته الواسعة لفائدة الدولة , كما أنه مؤلف
ومرجع مهم للمعلومات في الإمارات وقد إمتد الإحتفاء ايضاً فى أبوظبى بأن قام سمو
الشيخ محمد بن زايد ال نهيان أيضا بتكريم الطبيبة العراقية لحاظ إبراهيم الغزالي
التي تعد من رواد طب الجينات وعلم الوراثة في العالم العربي حيث كرست جل حياتها في
تحديد ودراسة الأمراض والحالات الوراثية النادرة لدى العائلات على مستوى المنطقة وكانت
الطبيبة العراقية / البريطانية انتقلت إلى مدينة العين مع زوجها في تسعينيات القرن
الماضي في الوقت الذي كانت المعرفة بعلوم الجينات نادرة في دولة الإمارات والمنطقة
، وعلى مر الأعوام وبفضل عمل الدكتورة الغزالي ومسيرتها المهنية كبروفسورة
واستشارية في مجال طب الجينات وطب الأطفال في جامعة الإمارات ، فقد أسهمت في إطلاق
حملات التوعية المجتمعية وسعت إلى توسيع نطاق التعاون مع المؤسسات الدولية المتخصصة في
إجراء مثل هذه الأبحاث وعملت على وضع أول قاعدة بيانات للجينات في دولة الإمارات العربية المتحدة
أما فى مجال العلوم الصرفة كالرياضيات فقد عرف البابليون أسساً
مهمة فى خواص الرياضيات والمعادلات الجبرية مثل معادلات الدرجة الأولى والثانية
والثالثة ويعود لهم الفضل فى تقدم علوم الجبر الحديث , أما فى مجال القانون وعلى
الرغم من بعض الماَخذ على قوانين فى شريعة حمورابى الا انها تعتبر من أقدم الشرائع
المكتوبة فى التاريخ البشرى ومازالت مسلة حمورابى المشهورة المنحوتة
من حجر الديوريت محفوظة فى متحف اللوفر بباريس فى فرنسا , ومن
المتفق عليه أيضاً فى تاريخ المعارف البشرية أن البابليين هم الذين أسسوا علم
الفلك الرياضى ويعتبر العراق أكبر بلد قدم للأُمة العربية شعراء وعلماء وفلاسفة
ومفكرين أمثال المتنبى والجاحظ والكندى ومعروف الرصافى والزهاوى والجواهرى , أما
فى مجال الحركة الشعرية والأدبية العربية والتى أصابها الجمود فى فترة الخمسينات
فإن مناهل التجديد لم تنضب لدى الشعب العراقى ذو المكانة الراسخة فى كتابة الشِعر
العمودى المقفى والشِعر النبطى وشِعر التفعيلة والمرسل , فقد اطلق
شعراء العراق بداية ثورة الشِعر الحُر فى الوطن العربى عبر الشاعرة / نازك الملائكة والشاعر عبد الوهاب
البياتى والشاعر / بدر شاكر السياب وهو القائل فى قصيدته " أنشودة المطر "
عيناكِ
غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ ،
أو
شُرفتان راح ينأى عنهما القمر
عيناك
حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقص
الأضواء ... كالأقمار في نهَرْ
يرجّه
المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر
كأنما
تنبض في غوريهما ، النّجومْ...
وتغرقان
في ضبابٍ من أسىً شفيفْ
كالبحر
سرَّح اليدين فوقه المساء ،
دفء
الشتاء فيه وارتعاشة الخريف ،
والموت
، والميلاد ، والظلام ، والضياء ؛
فتستفيق
ملء روحي ، رعشة البكاء
ونشوةٌ
وحشيَّةٌ تعانق السماء
كنشوة
الطفل إِذا خاف من القمر
كأن
أقواس السحاب تشرب الغيومْ
وقطرةً
فقطرةً تذوب في المطر...
وكركر
الأطفالُ في عرائش الكروم ،
ودغدغت
صمت العصافير على الشجر
أنشودةُ
المطر...
مطر ...
مطر ...
مطر ...
تثاءب
المساء ، والغيومُ ما تزالْ
تسحُّ
ما تسحّ من دموعها الثقالْ
كأنِّ
طفلاً بات يهذي قبل أن ينام
بأنَّ
أمّه – التي أفاق منذ عامْ
فلم
يجدها ، ثمَّ حين لجّ في السؤال
قالوا
له : "بعد غدٍ تعودْ
لا بدَّ
أن تعودْ
وإِنْ
تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ
في جانب
التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّ من
ترابها وتشرب المطر ؛
كأن
صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن
المياه والقَدَر
وينثر
الغناء حيث يأفل القمرْ
مطر ..
مطر ..
أتعلمين
أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ؟
وكيف
تنشج المزاريب إِذا انهمر ؟
وكيف
يشعر الوحيد فيه بالضّياع ؟
بلا
انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،
كالحبّ
، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر
ومقلتاك
بي تطيفان مع المطر
وعبر
أمواج الخليج تمسح البروقْ
سواحلَ
العراق بالنجوم والمحار ،
كأنها
تهمّ بالشروق
فيسحب
الليل عليها من دمٍ دثارْ .
أَصيح
بالخليج : " يا خليجْ
يا واهب
اللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى ! "
فيرجعُ
الصّدى
كأنّه
النشيجْ
" يا خليج
يا واهب
المحار والردى
أكاد
أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ
ويخزن
البروق في السّهول والجبالْ ،
حتى
إِذا ما فضَّ عنها ختمها الرّجالْ
لم تترك
الرياح من ثمودْ
في
الوادِ من أثرْ
أكاد
أسمع النخيل يشربُ المطر
وأسمع
القرى تئنّ ، والمهاجرين
يصارعون
بالمجاذيف وبالقلوع ،
عواصف
الخليج ، والرعود ، منشدين
" مطر ...
مطر ...
مطر ...
وفي
العراق جوعْ
وينثر
الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع
الغربان والجراد
وتطحن
الشّوان والحجر
رحىً
تدور في الحقول ... حولها بشرْ
مطر ...
مطر ...
مطر ...
وكم
ذرفنا ليلة الرحيل ، من دموعْ
ثم
اعتللنا – خوف أن نلامَ – بالمطر
مطر ...
مطر ...
ومنذ
أنْ كنَّا صغاراً ، كانت السماء
تغيمُ
في الشتاء
ويهطل
المطر ،
وكلَّ
عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ
ما مرَّ
عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ
مطر ...
مطر ...
مطر ...
في كل
قطرة من المطر
حمراءُ
أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ
وكلّ دمعةٍ
من الجياع والعراة
وكلّ
قطرة تراق من دم العبيدْ
فهي
ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد
أو
حُلمةٌ تورَّدتْ على فم الوليدْ
في عالم
الغد الفتيّ ، واهب الحياة
مطر ...
مطر ...
مطر ...
سيُعشبُ
العراق بالمطر...
أصيح
بالخليج : " يا خليج ..
يا واهب
اللؤلؤ ، والمحار ، والردى
فيرجع
الصدى
كأنَّه
النشيج
" يا خليج
يا واهب
المحار والردى
وينثر
الخليج من هِباته الكثارْ ،
على
الرمال ، : رغوه الأُجاجَ ، والمحار
وما
تبقّى من عظام بائسٍ غريق
من
المهاجرين ظلّ يشرب الردى
من
لجَّة الخليج والقرار ،
وفي
العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ
من زهرة
يربُّها الفرات بالنَّدى
وأسمع
الصدى
يرنّ في
الخليج
مطر ..
مطر ..
مطر ..
في كلّ
قطرة من المطرْ
حمراء
أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ
وكلّ
دمعة من الجياع والعراة
وكلّ
قطرةٍ تراق من دم العبيدْ
فهي
ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو
حُلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ
في عالم
الغد الفتيّ ، واهب الحياة
ويهطل
المطرْ
جمال
حسن أحمد حامد
دولة
الإمارات العربية المتحدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق