إتساقٌ مع ذِكرى الإستقلال
الإستعمار ظاهرة قديمة جداً تعود للعصور
الوسطى وما بعدها وذلك من خلال دول كاليونان التى توسعت على حساب الدول المحيطة
بها وكذلك فعل الرومان الذين شيّدوا إمبراطورية ضخمة شملت الغرب والشرق بما فيها
معظم الدول الأوروبية وكانت من أكبر الإمبراطوريات فى التاريخ وتبعتهم من بعد ذلك دول
كالبرتقال , إسبانيا ,هولندا,ألمانيا و إيطاليا وأيضاً الدولة العثمانية , ثم بعد
ذلك وفى القرن التاسع عشر والقرن العشرن صارت معظم دول العالم تخضع للإستعمار
الإنجليزى والفرنسى وشمل ذلك بعض الدول الأسيوية وتحديداً شبه القارة الهندية
ومعظم الدول العربية والإسلامية والقارة الأفريقية , بينما من الملاحظ بأن الولايات
المتحدة الأمريكية ورغم ما تمتلكه من قوة مطلقة فى شتى المجالات وأهمها المجالات
العسكرية فإنها لم تستخدم ذلك فى إستعمار الدول والهيمنة على مقدرات شعوبها وإنما
سعت إلى مساعدتها فى بسط الحريات التى تنادى بها كل الأديان والأعراف والقيم
الإنسانية وكذلك مساعدتها فى بناء وتطويرإقتصادها وتنمية مواردها بما يحقق لها ما
تأمله من رخاء وحياة كريمة وإعتماد على الذات يتسق مع غريزة الناس فى إدارة شؤونهم وثرواتهم ولم
تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية فى شأن أى دولة ما لم يكن ذلك بناء على طلب و
إرادة تلك الدولة وشعبها وأيضاً هناك من الدول التى إستعمرت دولاً أخرى قد سعت إلى
تصحيح ما شاب فترة الإستعمارمن التغول والإستئثار بثروات الاخرين بأن قدمت تعويضات
مالية ضخمة للمساهمة فى تسريع عجلة التطور والرفاه والرخاء بطريقة تحفظ كرامة
وإستقلالية تلك الشعوب وخلق مئات الالاف من فرص العمل لهم من خلال مصانعها و شركاتها التى
إنتقلت لبعض تلك الدول
إن الدول التى أقدمت على إستعمار دول أخرى
دائماً ما يكون لديها الكثير من المبررات والأسباب التى تتعلل بها وهى كثيرة ويتمثل أهمها فى الاتى :
- نقل الحضارة والرقى إلى تلك الدول وتخليصها
من الجهل والتخلف بإنشاء دور التعليم وتطوير المناهج التعليمية وكذلك مواكبة
الدواعى التى فرضها عصر الإستكشاف
- المساعدة على نهضة و تطوير القدرات
الإقتصادية والصناعية والعِلمية وكذلك المساهمة فى التعمير
- إرساء قيم الحريات وحقوق الإنسان
والديمقراطية على أساس أن بعض الدول لا تحسن إدارة شؤونها
- إرساء أنظمة سياسية حديثة تنهى
الحروب القَبَلية والنزاعات الأهلية التى تتسبب فى إهدار الموارد وإستغلال
المسؤولون لمن هم من بنى جنسهم والتنكيل بهم
أما الدول التى تم إستعمارها فترى بأن الأسباب الحقيقية
للإستعمار تعود إلى أسباب أخرى مغايرة تماماً للأسباب المذكورة من قبل ومن أهمها :
- * الأسباب السياسية التى تتمثل فى تحسين مكانة
الدولة الإستعمارية من خلال توسيع نفوذها مما يجعلها تتحكم فى القرارات الدولية وتوجهها
لصالحها دون مراعاة لخصوصية بعض المجتمعات وعاداتها فى طريقة حكمها لنفسها بما
يتماشى مع عاداتها وتقاليدها
- * الأسباب الإقتصادية التى فرضتها الثورة
الصناعية التى إجتاحت أوروبا فى ذلك الوقت , حيث أن أوروبا فقيرة من حيث الموارد
والمواد الخام مما حدا بها إلى إستعمار الدول الغنية بتلك الموارد والخام من أجل
تشغيل المصانع الأوروبية وتهيئة فرص عمل و رفاه لشعوبهم على حساب الاخرين مما كان
سبباً فى بقاء بعض الدول على حالها لفترات طويلة
- * الأسباب الثقافية والدينية والتى تتمثل فى
إعادة تشكيل المنظومة الثقافية للدول لإبقائها مرتبطة بدولة الإستعمار من خلال عدة
عوامل ومن أهمها العادات واللغة التى يتم فرضها لتكون لغة التعليم والمعاملات
الرسمية وبذلك يبقى الإرتباط الثقافى واللغوى حتى إذا إنقطع الرابط السياسى , يضاف
إلى ذلك أيضاً الأسباب الدينية التى تتمثل فى نشر الديانة المسيحية بمذاهبها
الكاثلوكية والأرثوذسكية والبروتستانية , حيث قوبلت بالإعتناق فى الكثير من الدول التى
كانت تدين بأديان هشة أو بها أناس لايدينون بأى ديانة بينما إصطدمت بالرفض فى معظم
الدول التى لديها أديان قوية كالدين الإسلامى
- الأسباب والأهداف السكانية والتى تتمثل فى
نقل الفائض السكانى وخاصة فى وسط الذين لايتمتعون بالكفاءة اللازمة للمنافسة فى
دولهم وذلك بخلق فرص عمل لهم فى الدول التى يتم إستعمارها للتخفيف من ضغط البطالة
بينما تستمرالدول الإستعمارية فى خلق الصعوبات والعراقيل للدول الأخرى بطريقة غيرأخلاقية
لتظهرها بأنها لاتستطيع الإعتماد على نفسها
إن ظاهرة الإستعمار لم تسلم منها حتى الدول الكُبرى والدول
الأوروبية نفسها , حيث عانت من إستعمار بعضها البعض ولأسباب مختلفة وخاضت الحروب
الطاحنة من أجل ذلك والبعض منها من أجل إستعادة سيادتها وكذلك فعلت الدول الأخرى
بعد أن ظهرت رغبة التحرر والإستقلال لدى شعوبها للإنعتاق من إستغلال مواردها
ومقدراتها بتلك الطريقة الغير مُنصفة والتى لم تعد لهم بمردود يثبت ما تدعيه دول
الإستعمار من تميز حضارى وأخلاقى ومراعاة لحقوق الاخرين واَخرها الدول التى كانت
تدور فى فلك ما يعرف سابقاً بالإتحاد السوفيتى , وقد قدمت الكثيرمن الدول التضحيات
الجسام من أجل ذلك رغم أن دول الإستعمار خرجت من بعض الدول طواعية بعد أن لم تجد
مبرراً لبقائها فيها
إن عيد أو
يوم الإستقلال أو اليوم الوطنى يظل مناسبة سيادية تفتخر وتعتز بها الكثيرمن الدول
والشعوب وتمتد الإحتفالات بذلك لتشمل جالياتها فى كل الدول حول العالم بما فيها
دول الإستعمارنفسها فى القارة الأوروبية , ولم تكن الجالية السودانية بدولة
الإمارات إستثناء من ذلك وهى الجالية التى تنتمى لأول دولة فى العالم تعترف بقيام
إتحاد دولة الإمارات وتم تتويج ذلك بزيارة الرئيس جعفر محمد نميرى كأول رئيس دولة
فى العالم يفعل ذلك وكذلك فإن أول زيارة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان بعد قيام
الإتحاد كانت للسودان وقد حُظيت الجالية السودانية بدولة الإمارات بما تستحقه من
إهتمام وتوفير الفرص من أجل المزيد من العمل والتنسيق الذى يعود بالنفع للدولتين وشعبيهما
بعد أن أثبت أفراد الجالية السودانية كفاءتهم من خلال العمل فى كل القطاعات بدولة
الإمارات وحازوا على الإستحسان والإشادة أينما تواجدوا , ومن المعروف بأن الجالية
السودانية من أهم وأول الجاليات التى شاركت فى تخطيط وتكوين وتنفيذ نهضة وتطور
دولة الأمارات منذ إعلانها وفى كل المجالات
وتزامناً مع الإحتفالات التى عمّت معظم دول العالم أقامت
الجالية السودانية بدولة الإمارت إحتفالات ضخمة بالنادى الإجتماعى السودانى
بأبوظبى بمناسبة عيد الإستقلال 64 وذلك فى يومى 16و17/01/2020 م وقد نقلتها العديد
من القنوات الفضائية التى تواجد بعضها بمعظم أطقمه مثل قناة تلفزيون السودان وقناة الرواد
وقناة الخرطوم الدولية و وسائل إعلام أخرى وقد كان هناك حضوراً كاملاً للمكوّن
الرسمى للجالية السودانية فى دولة الإمارات
متمثلاً فى بعثة سفارة جمهورية السودان لدى دولة الإمارات وكذلك القنصلية
العامة لجمهورية السودان فى دُبى وأيضاً بعض المؤسسات كنادى تراث الإمارات , طيران
بدر , طيران سلام , بنك النيلين ومستشفى إن أم سى وكان من اللافت للنظر ويستحق
الإشادة هو الحضور الكبير لعائلات وأفراد الجالية السودانية من شتى إمارات الدولة
مصحوباً بتنظيم وإشراف رائع من إدارة النادى الإجتماعى السودانى بأبوظبى , هذا وقد
أحيت الإحتفالات كل من الفنانات المتألقات الدكتورة منال بدر الدين ونسرين هندى
ومنارصديق إضافة إلى أستاذ الطمبور طارق العوض وفرقة أطفال النادى الإجتماعى
السودانى بأبوظبى , كما شملت الإحتفالات برامج الرعاية الصحية العام المجانى ,
معرض كاريكاتيرى , المرسم الحر للأطفال , نماذج من الأكلات السودانية , ألعاب الأطفال
ومعرض التراث وقد كانت الإحتفالات رائعة وفريدة بقدر الذين أتوا من السودان وبعض الدول الأخرى
لمشاركة الجالية السودانية بدولة الإمارات ذلك الكرنفال وهى الجالية التى طالما
قال عنها كل من المسؤولين السودانيين بأن لها مكانتها الخاصة مع الأخذ
فى الإعتبار إسهاماتها الضخمة فى تمويل إقتصاد السودان
******* تحية خاصة لكل الجالية السودانية بدولة الإمارات
وإلى كل من ساهم فى إنجاح تلك الإحتفالات وكل عام والسودان إلى المزيد من الرخاء ورِفعة الشأن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق