الخميس، 30 مايو 2019

ما بين التَدَخُل والمَصَالِح

      ما بين التَدَخُل والمَصَالِح                    

فى العقود الأخيرة من القرن الحالى حدث الكثيرمن التغيير فى مفهوم العلاقات بين الدول والتى كانت تحكمها مواثيق غير قابلة للمساس مثل مفهوم السيادة وعدم التدخل فى شؤون الدول الأخرى والإحتكام إلى قرارات منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها لفض النزاعات والخلافات ولكن مع تمدد المصالح العابرة للحدود فقد تكونت الكثير من التحالفات والإتحادات والعلاقات الثنائية ذات المصلحة المُشتركة لجميع الأطراف بمساهمة كل طرف بما يملكه ويفتقر إليه الطرف الاَخر , بل أصبحت الكثير من الدول تسعى إلى العمل على الإستقرار السياسى فى دول أخرى وذلك تمهيداً للدخول فى إستثمارات ومشاريع تنموية ذات نفع للجميع                 
القارة الأفريقية تُعتبر من أغنى القارات بالثروات الخام بجميع مسمياتها وأشكالها مما جعل منها مركز إهتمام وجذب لكُبريات الشركات الأوروبية وكذلك جمهورية الصين التى عززت وجودها القوى فى أفريقيا رغبة منها فى الإستفادة من تلك الثروات , وقد كانت دولة الإمارات من أوائل دول الشرق الأوسط التى إنتبهت لذلك وبما يخدم مصالحها ومصالح القارة الأفريقية , ففى السنوات الماضية كانت أبوظبى وجهة لزيارة الكثير من القادة الأفارقة لتعزيز اَفاق التعاون فى مثل تلك المجالات وقد كان من أهم ما تم فى أبوظبى تجاه القارة الأفريقية هو عقد المصالحة بين أثيوبيا وإريتريا وإنهاء سنوات من النزاعات والحروب بينهما حتى يتم توجيه جهودهما لما فيه الفائدة للبلدين ولمن يرغب فى الإستثمار هناك , ومن المعلوم أيضاً أن دُبى قامت بتأهيل الكثير من الموانئ فى أفريقيا ومازالت تديرها بما لديها من خبرات وإمكانيات فى ذلك المجال ويبلغ حجم التبادل التجارى غير النفطى بين دولة الإمارات وأفريقيا حوالى 38,3 مليار دولار وفى دراسة أعدتها اللجنة الإقتصادية لأفريقيا فى منظمة الأمم المتحدة إتضح أن دولة الإمارات هى ثانى أكبر مُستثمِر فى القارة من منطقة الشرق الأوسط بحوالى 11 مليار دولار كما أن الموقع الإستراتيجى لدولة الإمارات لعب دوراً مهماً لعبور الواردات التجارية القادمة لأفريقيا جنوب الصحراء من اليابان والصين , كما نجد أن دولة مثل السودان أصبحت من أكثر الدول التى تُحظى بإهتمام المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات من خلال حرصهما على الإستقرار فى السودان لما يمتلكون هناك من إستثمارات وخطط مستقبلية للإسهام فى المزيد منها بما يعود بالفائدة لهم جميعاً , كما يُعرف أيضاً بأن لدى السودان كذلك الكثير من الأموال فى شكل شركات ومؤسسات وعقارات خارج السودان تم تقديرها فى الفترة الماضية بواسطة خبراء سودانيين وصندوق النقد الدولى بانها تصل إلى 50 مليار دولار وهى بالتأكيد تتطلب من السودان بأن يكون حريصاً على إستقرار تلك الدول و التأكد من مرونة و وضوح تشريعاتها وقوانينها التى تحمى وتراعى إستثمارات مواطنيه وإستثماراته كدولة

السبت، 18 مايو 2019

لامُسْتَحِيل فِى تَنْفِيذ إرَادَةِ الشُعُوب

                                                     
                 لامُسْتَحِيل فِى تَنْفِيذ إرَادَةِ الشُعُوب 
          
فى كل يوم تقريباً يعج العالَم بالكثير من الأحداث التى تشد الإنتباه وتستوجب الوقوف عندها لأخذ العبرة منها والتأمل فى أسبابها وماَلاتها وذلك لمقدرتها على التأثير فى مجريات الأحداث فى الكثير من بقاع العالَم الأخرى , وخلال الأشهُر الماضية كان مشهد الثورة التى إجتاحت السودان هو محط أنظار المجتمع الدولى بأسره وخاصة الدول الصديقة التى لها مصالح مُشتركة مع السودان ويهمها ما تتمخط عنه تلك الثورة التى إستمدت مشروعيتها من عدالة المطالب والأسباب التى قامت عليها وفقاً للمواثيق والقوانين الدولية التى تبيح لأولئك الشباب ما قاموا به ويمكن تلخيص أهم مُسببات تلك الثورة فى الاتى :- 
 - التردى الإقتصادى والمعيشى الذى طال الغالبية العُظمى من الشعب السودانى وتدنِى الخدمات إلى مستويات فاقت التصور فى مُعظم أرجاء البلاد وشملت فى أحايين كثيرة بعض المرافق الحيوية والخدمات التى تمس حياة الناس حتى وصلت الأوضاع إلى مفهوم بأن هنالك منهجية وإستهداف للشعب السودانى للوصول به لتلك المرحلة                    
- إستئثار طبقة محددة من الناس بثروات البلاد بطريقة غير مشروعة فى أغلبها وتهريب الأموال الطائلة إلى خارج السودان وإستثمارها فى دول أخرى عبر مشاريع و واجهات متعددة ولايعود ريعها للسودان بينما أغلبية الشعب السودانى يقبع تحت خط الفقر ويعانى البطالة رغم أن السودان يُعد واحداً من أكثر الدول ذات الإمكانيات والبيئة التى تتلائم مع شتى مجالات الإستثمار                                                       
- تم التدمير الكامل لأهم المشاريع والمَرافق فى البلاد مثل مشروع الجزيرة الذى يُعد المشروع الأهم والأكبر فى كل أفريقيا والوطن العربى بأكمله وكذلك الخطوط الجوية السودانية ,السكة حديد ,النقل النهرى والكثير من المصانع المعروفة بأنها كانت من دعائم و ركائز الإقتصاد السودانى 
 - إنتشار وإستفحال الظُلم الذى أشعل الحُروب  بين أبناء الوطن الواحد ونتج عن ذلك إنفصال جنوب السودان وإستمرار الحُروب فى الكثير من أنحاء السودان مما شكّل إستنزافاً هائلاً للميزانية التى كان من الممكن أن تُخصص لأغراض أخرى تساهم فى النهضة                               
- سوء توزيع فى الخارطة الإستثمارية و إدارة الإستثمار فى السودان , حيث تم بيع الكثير من الأراضى والمشاريع للمستثمرين الأجانب بطريقة لم تعد بأى فائدة تُذكر للسودان وإنما ذهبت جل الفائدة لمصلحة المستثمر الأجنبى وبعض الشخصيات التى سعت إلى تحقيق مصالح  شخصية لها وللمؤسسات المتعاونة معهم                                                 
- إستمرعدم وجود عدالة فى توزيع التنمية والتعمير على الأقاليم أو الولايات وعدم مراعاة التعداد السكانى ومساهمة كل منطقة فى الإقتصاد الكلى للسودان بمنتوجاتها ,مما نتج عنه الإحساس بالغُبن والتهميش وكان ذلك من أهم أسباب إندلاع ثورات الهامش التى أدت إلى وقوع جزء كبيرمن غرب السودان تحت الوصاية الدولية التى تتمثل فى القوات الأممية وقوات اليوناميد وكذلك تسبب فى هجرة جزء كبير من سكان الأقاليم والأرياف المهمشة للعاصمة الخرطوم  
   - أرهق المسؤولون كاهل الشعب السودانى بسن القوانين والقرارات التى تفرض الضرائب والرسوم وزيادة الأسعار بطريقة غير مبررة ودون أن يوفروا لهم الوظائف والأجور المناسبة , حيث أن معدلات البطالة و الفقر قد وصلت مرحلة غير مسبوقة وأصبحت تهدد النسيج الإجتماعى المُرتكز على الكثير من القِيم الحميدة والأخلاقيات التى يشتهر بها الشعب السودانى       
  - تواَصَل الكبت لأبسط الحريات الإنسانية والشخصية و وصل الحال إلى جلد وضرب الفتيات فى الشوارع وكذلك فرض الوصاية والرقابة على الإعلام بكل أنواعه وبطريقة فيها الكثيرمن الغلو والتشدد حتى لايمارس الإعلام النزيه دوره الأساسى فى تمليك الحقائق للناس ونشر الوعى       
هيمنة طائفة من المتعصبين والمتشددين الإسلاميين على شؤون ومفاصل الدولة والدخول فى عداوات مع الكثير من الدول وشن الحرب على مواطنى جنوب السودان بإسم الجِهاد مما أدى لإنفصال الجنوب رغم أن الإسلام هو دين الوسطية والتسامح , وقد تسبب ذلك فى وضع دولة جمهورية السودان على لائحة الدول الراعية للإرهاب ومازال كذلك الشعب السودانى يرزخ تحت نير المقاطعة الإقتصادية بسبب ذلك مما ذاد المعاناة على كاهل الملايين من السودانيين بسبب قِلة من المسؤولين الرسميين المتطرفين قاموا بإستغلال مناصبهم وموارد الدولة لشن عمليات إرهابية خارج حدود السودان من أجل فرض أيدولوجيا الجهاد ولذلك يتطلب الأمر من النظام الجديد فى السودان التعاون مع المجتمع الدولى والتخلص من الفكر الإقصائى والجهادى وأن يتم السعى  إلى  تحقيق مطالب الشعب السودانى 
  - لم يكن هناك وجود لخطط وإستراتجيات واضحة للتنمية الشاملة والمشاريع يتم الإلتزام بها وتكون ذات مردود فعلى ينعكس على حياة الناس ويسهم فى نهضة البلد , حيث أن عوامل إستشراء الفساد والتعدى على المال العام والإستغلال السئ لموارد الدولة أدت إلى ذلك            
     المفارقة الغريبة هى أن الأسباب التى أدت إلى إندلاع تلك الثورة الغير مسبوقة يقابلها أن السودان يتمتع بالموارد والإمكانيات والثروات التى من المفترض أن تضعه فى مقدمة الدول التى تتمتع بالرخاء والإستقرار إذا كان قد توفرت الإدارة الحكيمة والقيادة الرشيدة لمصالحه , فالخارطة المائية للسودان توضح وجود ثروة مائية هائلة تتمثل فى النيل برافديه الرئيسيين وهما النيل الأبيض والنيل الأزرق إضافة إلى روافد فرعية أخرى من أهمها نهر السوباط , نهر الرهد , نهر الدندر , نهر القاش , نهر طوكر , نهر ستيت , نهر دابوس , نهر عطبرة , نهر ديديسيا وكذلك الكثير من الأمطار والأودية والخيران الموسمية مثل وادى أزوم ومخزون ضخم من المياه الجوفية إضافة إلى ملايين الأفدنة من الأراضى الزراعية التى جعلت السودان يُوصف بأنه سلة غذاء العالَم وكذلك البترول وكل أنواع المعادن والتى تشمل اليورانيوم والذهب الذى يتم تصدير الأطنان منه سنوياً وكذلك كمية كبيرة من الثروة الحيوانية والسمكية وموانئ على خطوط ملاحة دولية فى البحر الأحمر , كما يتمتع السودان بالكادر البشرى الذى نال الإشادة والتفوق فى العديد من الدول والمحافل خارج السودان و داخل السودان 
  إن شباب السودان من حقهم أن يفتخروا بأنهم الثوّار الذين حققوا واحدة من أعظم الثورات فى العالِم والتى إلتزمت بالخط السِلمى والنهج الحضارى دون تخريب أوعُنف يُذكر مقارنة بالملايين الذين شاركوا فى الثورة مما أكسبهم إحترام وتقدير القوات المُسلّحة وقوات الدعم السريع  التى إنحازت لهم وقامت بحماية المعتصمين منهم , حيث بادولوا المجلس العسكرى الإنتقالى ذات الشعور وكذلك بعض الدول الخليجية مثل الإمارات والسعودية , حيث سارعتا إلى مباركة التغيير الذى عم السودان وأعلنتا من الرياض وأبوظبى إنحيازهما إلى إرادة الشعب السودانى والإلتزام بالمساهمة فى إحتياجاته بما يصل إلى 3 مليار دولار وكذلك بعض الزوار الذين وفدوا إلى السودان لمشاهدة إكتمال ذلك التغييرعلى أرض الواقع , وأيضاً من أهم ما يشد الإنتباه ويلفت النظر هو إنه عادة عندما تندلع الثورات أو المظاهرات فى أى دولة فإن الكثير من الدول تطلب من رعاياها المغادرة أو أخذ الحيطة والحذر ولكن ما حدث فى الخرطوم هو أن الكثير من السفارات والبعثات الدبلوماسية لم تفعل ذلك بل أن الكثير منها بعثت بأطقمها إلى ساحة الإعتصمام وقد تجولوا فى وسط المعتصمين والبعض منهم شاركوا الثوّار إفطار رمضان دون أى خوف على سلامتهم ومن ضمنهم طاقم سفارة الولايات المتحدة الأمريكية الذين ذادوا على ذلك بأن قاموا بزيارة بعض الجَرحى فى المستشفيات والإطمئنان عليهم وكان ذلك هو الدليل على أن الشباب فى السودان ليسوا دُعاة عنف أو إرهاب أو كراهية للاخرين وإنهم قد حققوا غايتهم فى تغييرالنظام السابق وصار من حقهم أن ينعموا بدولة القانون عَبْرالثورة الأعظم والأكثر سِلمية فى العالَم بشهادة المجتمع الدولى  وأن الولايات المتحدة الأمريكية تظل دائماً مع مطالب الشعوب التى يتجلَى الكثير منها فى بديهيات الحياة التى يتمثل بعضها فى الحرية والسلام والعدالة 

الأربعاء، 24 أبريل 2019

طَلائعُ الإتحِاد


طَلائعُ الإتحِاد


عَلَىْ تِلْك الرُبوع الشَعْب أرْضَانا
فأنْتِىْ يا أهازِيْج الفِدَى قُلْتِى
لِمَا لا مَهْرك الثَوْرَه
لأنّ الحُزْن فِى عَيْنَيك قَدْ طالا
وأنّ الشَمْس قَدْ مَدّتْ شُعَاعاً لِلْبَساتينِ
ونَحْنُ المُلْتَقَى يَبْدُو حَوَاليْكِ
فَزِيْدِى بَهْجَة الدُنْيا
فَفِيها يَصْدَح السُوْدان إلْهاماً وتَحْرِيْرا
فَقَدْ كُنْتِى شمُوْخ الحَشْد والمَنْحَىْ يُنادِيْنَا
شُعُوبٌ مِنْ إبَاءٍ وَحّدَتْ أفْرِيْقِيَا فِيْنا
وأنْتِى مَنْ سَألْتِى إذْ لشَأْن الشَعْب بُرْهانا
ليسْتَدْنِى إليْكِ المُنْتَهَىْ نَصْرَا
ويَبْنِى مِنْ نِدَاءِ العَسْكَرِ القَصْرا
فَفِينا للْيَتِيْمِ الأمْن والعَوْنا
وفِيْنا للشَهِيدِ الرُوْح تُذْكِينا
ولِىْ فِى فَهْرَسِ الأوْطانِ أوْطانا
وأهْلاً لِىْ وأحْبابً وعِنْوانا
فَكُونِى للعُلا أرْقَىْ مَعَانِينا
وبُوْحِى يانجُوماً رَصّعَتْ رَمْزا
بأنّ الجِيْل صَوْناً قَدْ رَوَىْ تاريخ ماضِينا
شَبَابٌ عَنْ نِدَاء المَجْد ما مالوْا
فكانوا قدْوَةً والمَحْفَل المَرْجَعْ
وكانوا مَعْلَم المَغْزَىْ وما زالوْا
هُم المِقْياس مَهْما حاسِدُونا غِيْرَةً قالوْا

الخميس، 18 أبريل 2019

فَيْلقُ أرِيزُوْنَا

فَيْلقُ أرِيزُوْنَا


فِىْ نِيْلنَا كانَ الطَرَبْ
نَحْنُ الجَماهِير التِى قَادَتْ لِوَهْرَانِ الفَرَحْ
عِنْدَ اليَتَامىْ إسْتَحِلنا بَسْمَة كانتْ غَضَبْ
والوَجْد لِلْسُودانِ إخْلاصٌ تَخَطّىْ مَنْ تَعِبْ
إذْ إرْتَقَينا فِى عُلا تِلْك الحِقَبْ
لا تُحْذنِىْ مَنْ جاءَ يا مَحْبوبَتِى
يُهْدِىْ إليْكِ العُذْر إذْ قال السَبَبْ

الاثنين، 8 أبريل 2019

نَبْضُ الشَمّاسَه

نَبْضُ الشَمّاسَه



رَشَا حَسْناء حِيْن الحُسْن إطْلالا
وإبْهَارٌ يزِيْد الثغْر إبْهَارا
لهَا أخْتار ما شَاءتْ
فَكلّ الأرْض أعْلامِى أنا  فِيها
وأرْتال التَحايا تَسْتَمِيح البَحْر إبْحارا
وتَرْجو إذْنَهَا كَىْ تَبْدَأ الرِحْلَهْ
كَمَا تَسْتَفْسِر الفَجْرَا
إذا ما قَدْ نَشَرْتُ الوَرْد سَعْداً فِى أماسِيهاِ
وإذْ فِى جَلْسة المَرْسَىْ رَفَعْتُ الكأس إعْلانا
فَمَنْ أرْضَىْ ومَنْ يا أهْلهَا بالمَجْدِ أوْصَانا ؟
فَمِنْ ذاكَ المَدَىْ وُدّاً تَجَاوَبْنَا
وحِيْن النَاس ذَادوا فِى خِيَاراتِى
بِرفْقٍ لَمْلَمَتْنِى أنْجُمِى جَزْلَىْ
تجيب العِشْق فِى أغوار وِجْدانِى
وقَالتْ أنْتَ سُوْدَانِى


     

               * إهداء خاص لولاية بوسطن 

الجمعة، 8 فبراير 2019

وثيقة الأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ







      

تم التوقيع فى دولة الإمارات على وثيقة الإخوة الإنسانية فى 04/02/2019 م وهى من أهم الوثائق التى يشهدها العالم لإرساء قيم التسامح والتعايش بين الديانات , وقد وقعها قداسة البابا فرانسيس وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر نيابة عن أكثر الديانات إنتشاراً فى العالم وهى الديانة المسيحية والإسلامية وقد تمت المباشرة بتخصيص مساحة أرض فى جزيرة السعديات وتشييد معلم حضارى جديد يطلق عليه بيت العائلة الإبراهيمية ويرمز إلى حالة التعايش السلمى وواقع التاخى الإنسانى , كما أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بتأسيس "صندوق زايد العالمي للتعايش" بهدف دعم الجهود الرامية إلى تعزيز ثقافة التعايش السلمي والتآخي الإنساني بين الأفراد والشعوب                                                                                      
وسيكون الصندوق امتدادا لوثيقة الأخوة الإنسانية التي تعد حدثا حضاريا فريدا في تاريخ الأديان والشعوب حيث احتوت على مجموعة من المبادئ الإنسانية التي دعا الرمزان الكبيران العالم للتحلي بها ووجها من خلالها دعوة للمصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالأديان وبين المؤمنين وغير المؤمنين                                                                                              
ومن المقرر أن يدعم الصندوق مبادرات عالمية تستقي نهجها من الوثيقة لتوسيع قاعدة المشتركات الإنسانية ونشر ثقافة السلام والتسامح التى تنتهجها دولة الإمارات في مختلف بقاع العالم                                                              
وسيقوم الصندوق بدعم جهود تطوير المناهج التعليمية لتعزيز قيم الأخوة الإنسانية وغرسها في نفوس الطلبة والناشئة كما سيخصص منحا دراسية لطلبة الدراسات العليا لحثهم على إجراء البحوث العلمية في المبادئ الواردة في الوثيقة وسيوفر برامج لتدريب وتطوير المعلمين في مختلف المراحل التعليمية                                        
وسيخصص صندوق زايد العالمي للتعايش الذي سيتخذ من دولة الإمارات مقرا له منحا مالية للمشاريع والمبادرات التي تعمل على نشر قيم السلام والتعايش السلمى بين الشعوب وتقارب الحضاراوتساهم في حل النزاعات حول العالم وتشجع على نبذ العنف والتطرف والكراهية                                                                     
ويهدف الصندوق أيضا إلى استحداث برامج تعريفية وتوعوية من خلال نشر التقارير السنوية والكتب والترجمات للمواد المعرفية بمختلف اللغات التي تسعى لنشر قيم ومبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية والتي تؤسس لثقافة التسامح والأخوة في أي مكان من العالم                                                             

نص الوثيقة

مقدمة
يحملُ الإيمانُ المؤمنَ على أن يَرَى في الآخَر أخًا له، عليه أن يُؤازرَه ويُحبَّه. وانطلاقًا من الإيمان بالله الذي خَلَقَ الناسَ جميعًا وخَلَقَ الكونَ والخلائقَ وساوَى بينَهم برحمتِه، فإنَّ المؤمنَ مَدعُوٌّ للتعبيرِ عن هذه الأُخوَّةِ الإنسانيَّةِ بالاعتناءِ بالخَلِيقةِ وبالكَوْنِ كُلِّه، وبتقديمِ العَوْنِ لكُلِّ إنسانٍ، لا سيَّما الضُّعفاءِ منهم والأشخاصِ الأكثرِ حاجَةً وعَوَزًا.
وانطلاقًا من هذا المعنى المُتسامِي، وفي عِدَّةِ لقاءاتٍ سادَها جَوٌّ مُفعَمٌ بالأُخوَّةِ والصَّداقةِ تَشارَكنا الحديثَ عن أفراحِ العالم المُعاصِر وأحزانِه وأزماتِه سواءٌ على مُستَوى التقدُّم العِلميِّ والتقنيِّ، والإنجازاتِ العلاجيَّة، والعصرِ الرَّقميِّ، ووسائلِ الإعلامِ الحديثةِ، أو على مستوى الفقرِ والحُروبِ، والآلامِ التي يُعاني منها العديدُ من إخوتِنا وأخَواتِنا في مَناطقَ مُختلِفةٍ من العالمِ، نتيجةَ سِباقِ التَّسلُّح، والظُّلمِ الاجتماعيِّ، والفسادِ، وعدَمِ المُساواةِ، والتدهورِ الأخلاقيِّ، والإرهابِ، والعُنصُريَّةِ والتَّطرُّفِ، وغيرِها من الأسبابِ الأُخرى.
ومن خِلالِ هذه المُحادَثاتِ الأخَويَّةِ الصادِقةِ التي دارت بينَنا، وفي لقاءٍ يَملَؤُهُ الأمَلُ في غَدٍ مُشرِق لكُلِّ بني الإنسانِ، وُلِدت فكرةُ «وثيقة الأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ»، وجرى العَمَلُ عليها بإخلاصٍ وجديَّةٍ؛ لتكونَ إعلانًا مُشتَركًا عن نَوايا صالحةٍ وصادقةٍ من أجل دعوةِ كُلِّ مَن يَحمِلُونَ في قُلوبِهم إيمانًا باللهِ وإيمانًا بالأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ أن يَتَوحَّدُوا ويَعمَلُوا معًا من أجلِ أن تُصبِحَ هذه الوثيقةُ دليلًا للأجيالِ القادِمةِ، يَأخُذُهم إلى ثقافةِ الاحترامِ المُتبادَلِ، في جَوٍّ من إدراكِ النِّعمةِ الإلهيَّةِ الكُبرَى التي جَعلَتْ من الخلقِ جميعًا إخوةً.

الوثيقة

باسمِ الله الَّذي خَلَقَ البَشَرَ جميعًا مُتَساوِين في الحُقُوقِ والواجباتِ والكَرامةِ، ودَعاهُم للعَيْشِ كإخوةٍ فيما بَيْنَهم ليُعَمِّروا الأرضَ، ويَنشُروا فيها قِيَمَ الخَيْرِ والمَحَبَّةِ والسَّلامِ.
باسمِ النفسِ البَشَريَّةِ الطَّاهِرةِ التي حَرَّمَ اللهُ إزهاقَها، وأخبَرَ أنَّه مَن جَنَى على نَفْسٍ واحدةٍ فكأنَّه جَنَى على البَشَريَّةِ جَمْعاءَ، ومَنْ أَحْيَا نَفْسًا واحدةً فكَأنَّما أَحْيَا الناسَ جميعًا.
باسمِ الفُقَراءِ والبُؤَساءِ والمَحرُومِينَ والمُهمَّشِينَ الَّذين أَمَرَ اللهُ بالإحسانِ إليهم ومَدِّ يَدِ العَوْنِ للتَّخفِيفِ عنهم، فرضًا على كُلِّ إنسانٍ لا سيَّما كُلِّ مُقتَدرٍ ومَيسُورٍ.
باسمِ الأيتامِ والأَرامِلِ، والمُهَجَّرينَ والنَّازِحِينَ من دِيارِهِم وأَوْطانِهم، وكُلِّ ضَحايا الحُرُوبِ والاضطِهادِ والظُّلْمِ، والمُستَضعَفِينَ والخائِفِينَ والأَسْرَى والمُعَذَّبِينَ في الأرضِ، دُونَ إقصاءٍ أو تمييزٍ.
باسمِ الشُّعُوبِ التي فقَدَتِ الأَمْنَ والسَّلامَ والتَّعايُشَ، وحَلَّ بها الدَّمارُ والخَرَابُ والتَّناحُر.
باسمِ «الأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ» التي تَجمَعُ البَشَرَ جميعًا، وتُوحِّدُهم وتُسوِّي بينَهم.
باسم تلك الأُخُوَّةِ التي أرهَقَتْها سِياساتُ التَّعَصُّبِ والتَّفرِقةِ، التي تَعبَثُ بمَصائِرِ الشُّعُوبِ ومُقَدَّراتِهم، وأَنظِمةُ التَّرَبُّحِ الأَعْمَى، والتَّوَجُّهاتُ الأيدلوجيَّةِ البَغِيضةِ.
باسمِ الحُرِّيَّةِ التي وَهَبَها اللهُ لكُلِّ البَشَرِ وفطَرَهُم عليها ومَيَّزَهُم بها.
باسمِ العَدْلِ والرَّحمةِ، أساسِ المُلْكِ وجَوْهَرِ الصَّلاحِ.
باسمِ كُلِّ الأشخاصِ ذَوِي الإرادةِ الصالحةِ، في كلِّ بِقاعِ المَسكُونَةِ.
باسمِ اللهِ وباسمِ كُلِّ ما سَبَقَ، يُعلِنُ الأزهَرُ الشريفُ - ومِن حَوْلِه المُسلِمُونَ في مَشارِقِ الأرضِ ومَغارِبِها - والكنيسةُ الكاثوليكيَّةُ - ومِن حولِها الكاثوليك من الشَّرقِ والغَرْبِ - تَبنِّي ثقافةِ الحوارِ دَرْبًا، والتعاوُنِ المُشتركِ سبيلًا، والتعارُفِ المُتَبادَلِ نَهْجًا وطَرِيقًا.
إنَّنا نحن - المُؤمِنين باللهِ وبلِقائِه وبحِسابِه - ومن مُنطَلَقِ مَسؤُوليَّتِنا الدِّينيَّةِ والأدَبيَّةِ، وعَبْرَ هذه الوثيقةِ، نُطالِبُ أنفُسَنا وقادَةَ العالَمِ، وصُنَّاعَ السِّياساتِ الدَّولِيَّةِ والاقتصادِ العالَمِيِّ، بالعمَلِ جدِّيًّا على نَشْرِ ثقافةِ التَّسامُحِ والتعايُشِ والسَّلامِ، والتدخُّلِ فَوْرًا لإيقافِ سَيْلِ الدِّماءِ البَرِيئةِ، ووَقْفِ ما يَشهَدُه العالَمُ حاليًّا من حُرُوبٍ وصِراعاتٍ وتَراجُعٍ مناخِيٍّ وانحِدارٍ ثقافيٍّ وأخلاقيٍّ.
ونَتَوجَّهُ للمُفكِّرينَ والفَلاسِفةِ ورِجالِ الدِّينِ والفَنَّانِينَ والإعلاميِّين والمُبدِعِينَ في كُلِّ مكانٍ ليُعِيدُوا اكتشافَ قِيَمِ السَّلامِ والعَدْلِ والخَيْرِ والجَمالِ والأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ والعَيْشِ المُشتَرَكِ، وليُؤكِّدوا أهميَّتَها كطَوْقِ نَجاةٍ للجَمِيعِ، وليَسعَوْا في نَشْرِ هذه القِيَمِ بينَ الناسِ في كلِّ مكان.
إنَّ هذا الإعلانَ الذي يأتي انطِلاقًا من تَأمُّلٍ عَمِيقٍ لواقعِ عالَمِنا المُعاصِرِ وتقديرِ نجاحاتِه ومُعايَشةِ آلامِه ومَآسِيهِ وكَوارِثِه - لَيُؤمِنُ إيمانًا جازمًا بأنَّ أهمَّ أسبابِ أزمةِ العالمِ اليَوْمَ يَعُودُ إلى تَغيِيبِ الضميرِ الإنسانيِّ وإقصاءِ الأخلاقِ الدِّينيَّةِ، وكذلك استِدعاءُ النَّزْعَةِ الفرديَّةِ والفَلْسَفاتِ المادِّيَّةِ، التي تُؤَلِّهُ الإنسانَ، وتَضَعُ القِيَمَ المادِّيَّةَ الدُّنيويَّةَ مَوْضِعَ المَبادِئِ العُلْيَا والمُتسامِية.
إنَّنا، وإنْ كُنَّا نُقدِّرُ الجوانبَ الإيجابيَّةَ التي حقَّقَتْها حَضارَتُنا الحَدِيثةُ في مَجالِ العِلْمِ والتِّقنيةِ والطبِّ والصِّناعةِ والرَّفاهِيةِ، وبخاصَّةٍ في الدُّوَلِ المُتقدِّمةِ، فإنَّا - مع ذلك - نُسجِّلُ أنَّ هذه القَفزات التاريخيَّةَ الكُبرى والمَحمُودةَ تَراجَعَتْ معها الأخلاقُ الضَّابِطةُ للتصرُّفاتِ الدوليَّةِ، وتَراجَعَتِ القِيَمُ الرُّوحِيَّةُ والشُّعُورُ بالمَسؤُوليَّةِ؛ ممَّا أسهَمَ في نَشْرِ شُعُورٍ عامٍّ بالإحباطِ والعُزْلَةِ واليَأْسِ، ودَفَعَ الكَثِيرينَ إلى الانخِراطِ إمَّا في دَوَّامةِ التَّطرُّفِ الإلحاديِّ واللادينيِّ، وإمَّا في دوامة التَّطرُّفِ الدِّينيِّ والتشدُّدِ والتَّعصُّبِ الأعمى، كما دَفَعَ البعضَ إلى تَبَنِّي أشكالٍ من الإدمانِ والتَّدمِيرِ الذاتيِّ والجَماعيِّ.
إنَّ التاريخَ يُؤكِّدُ أنَّ التطرُّفَ الدِّينيَّ والقوميَّ والتعصُّبَ قد أثمَرَ في العالَمِ، سواءٌ في الغَرْبِ أو الشَّرْقِ، ما يُمكِنُ أن نُطلِقَ عليه بَوادِر «حربٍ عالميَّةٍ ثالثةٍ على أجزاءٍ»، بدَأَتْ تَكشِفُ عن وَجهِها القبيحِ في كثيرٍ من الأماكنِ، وعن أوضاعٍ مَأساويَّةٍ لا يُعرَفُ - على وَجْهِ الدِّقَّةِ - عَدَدُ مَن خلَّفَتْهم من قَتْلَى وأرامِلَ وثَكالى وأيتامٍ، وهناك أماكنُ أُخرَى يَجرِي إعدادُها لمَزيدٍ من الانفجارِ وتكديسِ السِّلاح وجَلْبِ الذَّخائرِ، في وَضْعٍ عالَمِيٍّ تُسيطِرُ عليه الضَّبابيَّةُ وخَيْبَةُ الأملِ والخوفُ من المُستَقبَلِ، وتَتحكَّمُ فيه المَصالحُ الماديَّةُ الضيِّقة.
ونُشدِّدُ أيضًا على أنَّ الأزماتِ السياسيَّةَ الطاحنةَ، والظُّلمَ وافتِقادَ عَدالةِ التوزيعِ للثرواتِ الطبيعيَّة - التي يَستَأثِرُ بها قِلَّةٌ من الأثرياءِ ويُحرَمُ منها السَّوادُ الأعظَمُ من شُعُوبِ الأرضِ – قد أَنْتَجَ ويُنْتِجُ أعدادًا هائلةً من المَرْضَى والمُعْوِزِين والمَوْتَى، وأزماتٍ قاتلةً تَشهَدُها كثيرٌ من الدُّوَلِ، برغمِ ما تَزخَرُ به تلك البلادُ من كُنوزٍ وثَرواتٍ، وما تَملِكُه من سَواعِدَ قَويَّةٍ وشبابٍ واعدٍ. وأمامَ هذه الأزمات التي تجعَلُ مَلايينَ الأطفالِ يَمُوتُونَ جُوعًا، وتَتحَوَّلُ أجسادُهم - من شِدَّةِ الفقرِ والجوعِ - إلى ما يُشبِهُ الهَيَاكِلَ العَظميَّةَ الباليةَ، يَسُودُ صمتٌ عالميٌّ غيرُ مقبولٍ.
وهنا تَظهَرُ ضرورةُ الأُسرَةِ كنواةٍ لا غِنى عنها للمُجتمعِ وللبشريَّةِ، لإنجابِ الأبناءِ وتَربيتِهم وتَعليمِهم وتَحصِينِهم بالأخلاقِ وبالرعايةِ الأُسريَّةِ، فمُهاجَمةُ المُؤسَّسةِ الأسريَّةِ والتَّقلِيلُ منها والتَّشكيكُ في أهميَّةِ دَوْرِها هو من أخطَرِ أمراض عَصرِنا.
إنَّنا نُؤكِّدُ أيضًا على أهميَّةِ إيقاظِ الحِسِّ الدِّينيِّ والحاجةِ لبَعْثِه مُجدَّدًا في نُفُوسِ الأجيالِ الجديدةِ عن طريقِ التَّربيةِ الصَّحِيحةِ والتنشئةِ السَّليمةِ والتحلِّي بالأخلاقِ والتَّمسُّكِ بالتعاليمِ الدِّينيَّةِ القَوِيمةِ لمُواجَهةِ النَّزعاتِ الفرديَّةِ والأنانيَّةِ والصِّدامِيَّةِ، والتَّطرُّفِ والتعصُّبِ الأعمى بكُلِّ أشكالِه وصُوَرِه.
إنَّ هَدَفَ الأديانِ الأوَّلَ والأهمَّ هو الإيمانُ بالله وعبادتُه، وحَثُّ جميعِ البَشَرِ على الإيمانِ بأنَّ هذا الكونَ يَعتَمِدُ على إلهٍ يَحكُمُه، هو الخالقُ الذي أَوْجَدَنا بحِكمةٍ إلهيَّةٍ، وأَعْطَانَا هِبَةَ الحياةِ لنُحافِظَ عليها، هبةً لا يَحِقُّ لأيِّ إنسانٍ أن يَنزِعَها أو يُهَدِّدَها أو يَتَصرَّفَ بها كما يَشاءُ، بل على الجميعِ المُحافَظةُ عليها منذُ بدايتِها وحتى نهايتِها الطبيعيَّةِ؛ لذا نُدِينُ كُلَّ المُمارَسات التي تُهدِّدُ الحياةَ؛ كالإبادةِ الجماعيَّةِ، والعَمَليَّاتِ الإرهابيَّة، والتهجيرِ القَسْرِيِّ، والمُتاجَرةِ بالأعضاءِ البشَرِيَّةِ، والإجهاضِ، وما يُطلَقُ عليه الموت (اللا) رَحِيم، والسياساتِ التي تُشجِّعُها.
كما نُعلنُ - وبحَزمٍ - أنَّ الأديانَ لم تَكُنْ أبَدًا بَرِيدًا للحُرُوبِ أو باعثةً لمَشاعِرِ الكَراهِيةِ والعداءِ والتعصُّبِ، أو مُثِيرةً للعُنْفِ وإراقةِ الدِّماءِ، فهذه المَآسِي حَصِيلَةُ الانحِرافِ عن التعاليمِ الدِّينِيَّة، ونتيجةُ استِغلالِ الأديانِ في السِّياسَةِ، وكذا تأويلاتُ طائفةٍ من رِجالاتِ الدِّينِ - في بعض مَراحِلِ التاريخِ - ممَّن وظَّف بعضُهم الشُّعُورَ الدِّينيَّ لدَفْعِ الناسِ للإتيانِ بما لا علاقةَ له بصَحِيحِ الدِّينِ، من أجلِ تَحقِيقِ أهدافٍ سياسيَّةٍ واقتصاديَّةٍ دُنيويَّةٍ ضَيِّقةٍ؛ لذا فنحنُ نُطالِبُ الجميعَ بوَقْفِ استخدامِ الأديانِ في تأجيجِ الكراهيةِ والعُنْفِ والتطرُّفِ والتعصُّبِ الأعمى، والكَفِّ عن استخدامِ اسمِ الله لتبريرِ أعمالِ القتلِ والتشريدِ والإرهابِ والبَطْشِ؛ لإيمانِنا المُشتَرَكِ بأنَّ الله لم يَخْلُقِ الناسَ ليُقَتَّلوا أو ليَتَقاتَلُوا أو يُعذَّبُوا أو يُضيَّقَ عليهم في حَياتِهم ومَعاشِهم، وأنَّه - عَزَّ وجَلَّ - في غِنًى عمَّن يُدَافِعُ عنه أو يُرْهِبُ الآخَرِين باسمِه.
إنَّ هذه الوثيقةَ، إذ تَعتَمِدُ كُلَّ ما سبَقَها من وَثائِقَ عالَمِيَّةٍ نَبَّهَتْ إلى أهميَّةِ دَوْرِ الأديانِ في بِناءِ السَّلامِ العالميِّ، فإنَّها تُؤكِّدُ الآتي:
-القناعةُ الراسخةُ بأنَّ التعاليمَ الصحيحةَ للأديانِ تَدعُو إلى التمسُّك بقِيَمِ السلام وإعلاءِ قِيَمِ التعارُّفِ المُتبادَلِ والأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ والعَيْشِ المشترَكِ، وتكريس الحِكْمَةِ والعَدْلِ والإحسانِ، وإيقاظِ نَزْعَةِ التديُّن لدى النَّشْءِ والشبابِ؛ لحمايةِ الأجيالِ الجديدةِ من سَيْطَرَةِ الفكرِ المادِّيِّ، ومن خَطَرِ سِياساتِ التربُّح الأعمى واللامُبالاةِ القائمةِ على قانونِ القُوَّةِ لا على قُوَّةِ القانونِ.
-أنَّ الحريَّةَ حَقٌّ لكُلِّ إنسانٍ: اعتقادًا وفكرًا وتعبيرًا ومُمارَسةً، وأنَّ التَّعدُّدِيَّةَ والاختلافَ في الدِّينِ واللَّوْنِ والجِنسِ والعِرْقِ واللُّغةِ حِكمةٌ لمَشِيئةٍ إلهيَّةٍ، قد خَلَقَ اللهُ البشَرَ عليها، وجعَلَها أصلًا ثابتًا تَتَفرَّعُ عنه حُقُوقُ حُريَّةِ الاعتقادِ، وحريَّةِ الاختلافِ، وتجريمِ إكراهِ الناسِ على دِينٍ بعَيْنِه أو ثقافةٍ مُحدَّدةٍ، أو فَرْضِ أسلوبٍ حضاريٍّ لا يَقبَلُه الآخَر.
-أنَّ العدلَ القائمَ على الرحمةِ هو السبيلُ الواجبُ اتِّباعُه للوُصولِ إلى حياةٍ كريمةٍ، يحقُّ لكُلِّ إنسانٍ أن يَحْيَا في كَنَفِه.
أنَّ الحوارَ والتفاهُمَ ونشرَ ثقافةِ التسامُحِ وقَبُولِ الآخَرِ والتعايُشِ بين الناسِ، من شأنِه أن يُسهِمَ في احتواءِ كثيرٍ من المشكلاتِ الاجتماعيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة والبيئيَّة التي تُحاصِرُ جُزءًا كبيرًا من البَشَرِ.
-        أنَّ الحوارَ بين المُؤمِنين يَعنِي التلاقيَ في المساحةِ الهائلةِ للقِيَمِ الرُّوحيَّةِ والإنسانيَّةِ والاجتماعيَّةِ المُشترَكةِ، واستثمارَ ذلك في نَشْرِ الأخلاقِ والفَضائلِ العُلْيَا التي تدعو إليها الأديانُ، وتَجنُّبَ الجَدَلِ العَقِيمِ.
-أنَّ حمايةَ دُورِ العبادةِ، من مَعابِدَ وكَنائِسَ ومَساجِدَ، واجبٌ تَكفُلُه كُلُّ الأديانِ والقِيَمِ الإنسانيَّةِ والمَوَاثيقِ والأعرافِ الدوليَّةِ، وكلُّ محاولةٍ للتعرُّضِ لِدُورِ العبادةِ، واستهدافِها بالاعتداءِ أو التفجيرِ أو التهديمِ، هي خُروجٌ صَرِيحٌ عن تعاليمِ الأديانِ، وانتهاكٌ واضحٌ للقوانينِ الدوليَّةِ.
-   أنَّ الإرهابَ البَغِيضَ الذي يُهدِّدُ أمنَ الناسِ، سَواءٌ في الشَّرْقِ أو الغَرْبِ، وفي الشَّمالِ والجَنوبِ، ويُلاحِقُهم بالفَزَعِ والرُّعْبِ وتَرَقُّبِ الأَسْوَأِ، ليس نِتاجًا للدِّين - حتى وإنْ رَفَعَ الإرهابيُّون لافتاتِه ولَبِسُوا شاراتِه - بل هو نتيجةٌ لتَراكُمات الفُهُومِ الخاطئةِ لنُصُوصِ الأديانِ وسِياساتِ الجُوعِ والفَقْرِ والظُّلْمِ والبَطْشِ والتَّعالِي؛ لذا يجبُ وَقْفُ دَعْمِ الحَرَكاتِ الإرهابيَّةِ بالمالِ أو بالسلاحِ أو التخطيطِ أو التبريرِ، أو بتوفيرِ الغِطاءِ الإعلاميِّ لها، واعتبارُ ذلك من الجَرائِمِ الدوليَّةِ التي تُهدِّدُ الأَمْنَ والسِّلْمَ العالميَّين، ويجب إدانةُ ذلك التَّطرُّفِ بكُلِّ أشكالِه وصُوَرِه.
-أنَّ مفهومَ المواطنةِ يقومُ على المُساواةِ في الواجباتِ والحُقوقِ التي يَنعَمُ في ظِلالِها الجميعُ بالعدلِ؛ لذا يَجِبُ العملُ على ترسيخِ مفهومِ المواطنةِ الكاملةِ في مُجتَمَعاتِنا، والتخلِّي عن الاستخدام الإقصائيِّ لمصطلح «الأقليَّاتِ» الذي يَحمِلُ في طيَّاتِه الإحساسَ بالعُزْلَةِ والدُّونيَّة، ويُمهِّدُ لِبُذُورِ الفِتَنِ والشِّقاقِ، ويُصادِرُ على استحقاقاتِ وحُقُوقِ بعض المُواطِنين الدِّينيَّةِ والمَدَنيَّةِ، ويُؤدِّي إلى مُمارسةِ التمييز ضِدَّهُم.
-أنَّ العلاقةَ بينَ الشَّرْقِ والغَرْبِ هي ضَرُورةٌ قُصوَى لكِلَيْهما، لا يُمكِنُ الاستعاضةُ عنها أو تَجاهُلُها، ليَغتَنِيَ كلاهما من الحَضارةِ الأُخرى عَبْرَ التَّبادُلِ وحوارِ الثقافاتِ؛ فبإمكانِ الغَرْبِ أن يَجِدَ في حَضارةِ الشرقِ ما يُعالِجُ به بعضَ أمراضِه الرُّوحيَّةِ والدِّينيَّةِ التي نتَجَتْ عن طُغيانِ الجانبِ الماديِّ، كما بإمكانِ الشرق أن يَجِدَ في حضارةِ الغربِ كثيرًا ممَّا يُساعِدُ على انتِشالِه من حالاتِ الضعفِ والفُرقةِ والصِّراعِ والتَّراجُعِ العلميِّ والتقنيِّ والثقافيِّ. ومن المهمِّ التأكيدُ على ضَرُورةِ الانتباهِ للفَوَارقِ الدِّينيَّةِ والثقافيَّةِ والتاريخيَّةِ التي تَدخُلُ عُنْصرًا أساسيًّا في تكوينِ شخصيَّةِ الإنسانِ الشرقيِّ، وثقافتِه وحضارتِه، والتأكيدُ على أهميَّةِ العمَلِ على تَرسِيخِ الحقوقِ الإنسانيَّةِ العامَّةِ المُشترَكةِ، بما يُسهِمُ في ضَمانِ حياةٍ كريمةٍ لجميعِ البَشَرِ في الشَّرْقِ والغَرْبِ بعيدًا عن سياسةِ الكَيْلِ بمِكيالَيْنِ.
أنَّ الاعترافَ بحَقِّ المرأةِ في التعليمِ والعملِ ومُمارَسةِ حُقُوقِها السياسيَّةِ هو ضَرُورةٌ مُلِحَّةٌ، وكذلك وجوبُ العملِ على تحريرِها من الضُّغُوطِ التاريخيَّةِ والاجتماعيَّةِ المُنافِيةِ لثَوابِتِ عَقيدتِها وكَرامتِها، ويَجِبُ حِمايتُها أيضًا من الاستغلالِ الجنسيِّ ومن مُعامَلتِها كسِلعةٍ أو كأداةٍ للتمتُّعِ والتربُّحِ؛ لذا يجبُ وقفُ كل المُمارَساتِ اللاإنسانية والعادات المُبتذِلة لكَرامةِ المرأةِ، والعمَلُ على تعديلِ التشريعاتِ التي تَحُولُ دُونَ حُصُولِ النساءِ على كامِلِ حُقوقِهنَّ.
أنَّ حُقوقَ الأطفالِ الأساسيَّةَ في التنشئةِ الأسريَّةِ، والتغذيةِ والتعليمِ والرعايةِ، واجبٌ على الأسرةِ والمجتمعِ، وينبغي أن تُوفَّرَ وأن يُدافَعَ عنها، وألَّا يُحرَمَ منها أيُّ طفلٍ في أيِّ مكانٍ، وأن تُدانَ أيَّةُ مُمارسةٍ تَنالُ من كَرامتِهم أو تُخِلُّ بحُقُوقِهم، وكذلك ضرورةُ الانتباهِ إلى ما يَتعرَّضُون له من مَخاطِرَ - خاصَّةً في البيئةِ الرقميَّة - وتجريمِ المُتاجرةِ بطفولتهم البريئةِ، أو انتهاكها بأيِّ صُورةٍ من الصُّوَرِ.
أنَّ حمايةَ حُقوقِ المُسنِّين والضُّعفَاءِ وذَوِي الاحتياجاتِ الخاصَّةِ والمُستَضعَفِينَ ضرورةٌ دِينيَّةٌ ومُجتمعيَّةٌ يَجِبُ العمَلُ على تَوفيرِها وحِمايتِها بتشريعاتٍ حازمةٍ وبتطبيقِ المواثيقِ الدوليَّة الخاصَّةِ بهم.
وفي سبيلِ ذلك، ومن خلالِ التعاون المُشترَكِ بين الكنيسةِ الكاثوليكيَّةِ والأزهرِ الشريفِ، نُعلِنُ ونَتَعهَّدُ أنَّنا سنعملُ على إيصالِ هذه الوثيقةِ إلى صُنَّاعِ القرارِ العالميِّ، والقياداتِ المؤثِّرةِ ورجالِ الدِّين في العالمِ، والمُنظَّماتِ الإقليميَّةِ والدوليَّةِ المَعنِيَّةِ، ومُنظَّماتِ المُجتَمَعِ المدنيِّ، والمؤسساتِ الدينيَّة وقادَةِ الفِكْرِ والرَّأيِ، وأن نَسْعَى لنشرِ ما جاءَ بها من مَبادِئَ على كافَّةِ المُستوياتِ الإقليميَّةِ والدوليَّةِ، وأن نَدعُوَ إلى تَرجمتِها إلى سِياساتٍ وقَراراتٍ ونُصوصٍ تشريعيَّةٍ، ومَناهجَ تعليميَّةٍ ومَوادَّ إعلاميَّةٍ.
كما نُطالِبُ بأن تُصبِحَ هذه الوثيقةُ مَوضِعَ بحثٍ وتأمُّلٍ في جميعِ المَدارسِ والجامعاتِ والمَعاهدِ التعليميَّةِ والتربويَّةِ؛ لتُساعِدَ على خَلْقِ أجيالٍ جديدةٍ تحملُ الخَيْرَ والسَّلامَ، وتُدافِعُ عن حقِّ المَقهُورِين والمَظلُومِين والبُؤَساءِ في كُلِّ مكانٍ.
ختامًا:
لتكن هذه الوثيقةُ دعوةً للمُصالَحة والتَّآخِي بين جميعِ المُؤمِنين بالأديانِ، بل بين المُؤمِنين وغيرِ المُؤمِنين، وكلِّ الأشخاصِ ذَوِي الإرادةِ الصالحةِ؛
لتَكُنْ وثيقتُنا نِداءً لكلِّ ضَمِيرٍ حيٍّ يَنبذُ العُنْفَ البَغِيضَ والتطرُّفَ الأعمى، ولِكُلِّ مُحِبٍّ لمَبادئِ التسامُحِ والإخاءِ التي تدعو لها الأديانُ وتُشجِّعُ عليها؛
لتكن وثيقتُنا شِهادةً لعَظَمةِ الإيمانِ باللهِ الذي يُوحِّدُ القُلوبَ المُتفرِّقةَ ويَسمُو بالإنسانِ؛
لتكن رمزًا للعِناقِ بين الشَّرْقِ والغَرْبِ، والشمالِ والجنوبِ، وبين كُلِّ مَن يُؤمِنُ بأنَّ الله خَلَقَنا لنَتعارَفَ ونَتعاوَنَ ونَتَعايَشَ كإخوةٍ مُتَحابِّين.
هذا ما نَأمُلُه ونسعى إلى تحقيقِه؛ بُغيةَ الوُصولِ إلى سلامٍ عالميٍّ يَنعمُ به الجميعُ في هذه الحياةِ.

الثلاثاء، 1 يناير 2019

عبورٌ إلى عامِ التسامح

                         عبورٌ إلى عامِ التسامح  
                    
فى دولة الإمارات كان قد تم إطلاق عام الخير على عام 2017 م وقد تضافرت كل الجهود من أجل أن يكون ذلك العام هو ليس عام خير فى دولة الإمارات وحدها وإنما فى الكثير من بقاع العالم عبر المبادرات التى تبنتها الدولة بإعتبار أن نهج الخير هو قيمة وفضيلة مصاحبة لنشأة المُجتمعات البشرية وتتماشى مع مواثيق وتوجّهات منظمة الأمم المتحدة التى تتفرع منها الكثير من المفوضيات لذات الاهداف مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين , مفوضية منظمة الأمم المتحدة للطفولة , المفوضية السامية لحقوق الإنسان والكثير من المفوضيات والوكالات الأخرى منذ أن تأسست المنظمة فى 24 اكتوبر 1945 م كنتاج لمؤتمر دومبارتون أوكس فى العاصمة واشنطن دى سى , وقد تم الإستناد فى عام الخير فى دولة الإمارات إلى ثلاثة محاور وهى المسؤولية الإجتماعية , التطوع وخدمة الوطن وقد جرى التركيز والعمل عليها تماشياً مع الهدف من تسمية ذلك العام الذى تبوأت فيه دولة الإمارات مكانة مرموقة فى مجال العمل الخيرى على الصعيد الدولى كما إنه وعلى الصعيد المحلى فقد جرى العمل على مأسسة وإستدامة العمل الخيرى عبر  إنجاز 2500 برنامج وطنى ومنها " المنصة الذكية للمسؤولية المجتمعية للشركات " التى توفر معلومات متكاملة عن الشركات المُسجلة فيها وأعمالها الخيرية والإنسانية وكذلك " المؤشر الوطنى للمسؤولية المجتمعية " الذى يضع تصنيفاً للشركات ومؤسسات القطاع الخاص حسب إسهاماتها الخيرية والإنسانية ويتم تكريمها بناء على ذلك وكذلك مبادرة "إستقطاع الخير" وذلك بهدف إشراك المؤسسات المصرفية فى العمل الخيرى عبر تحفيز عملائها بالتبرع وأيضاً أطلق القطاع القضائى مبادرة " برنامج شور" الذى يتطوع من خلاله مجموعة من المحامين للترافع أمام المحاكم عن الاشخاص غير القادرين وكذلك فإن القطاع الصحى قد دشن 100 عيادة فى 12 مستشفى تقدم خدمات مجانية لغير المستطيعين فيما بادر قطاع التعليم بمبادرة " عِلْم من أجل الإمارات " لتحفيز أصحاب الخبرة وخريجى الجامعات من المتقاعدين بكل جنسياتهم لتوظيف طاقاتهم وخبراتهم فى إستراتجية الدولة                             
عندما دلف العالَم إلى عام 2018 م كان قد تمت تسميته فى دولة الإمارات بعام زايد وذلك إحتفاء بالذِكرى المئوية لميلاد الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان وتكريس دور القائد المؤسِس لدولة الإمارات ومعه الشيخ راشد بن سعيد ال مكتوم فى 18 فبراير 1968 م وقد لحقت بقية الإمارات الأخرى بالإتحاد فيما بعد وقد أكسب ذلك الشيخ زايد لقب " القائد  المُؤسِس " بإعتباره صاحب فكرة إتحاد دولة الإمارات وأول رئيس للدولة الإتحادية , وقد إستطاع بحنكته أن يصل بدولة الإمارات إلى مصاف الدول المتقدمة ذات الإقتصاديات الأقوى والمتطورة فى شتى المجالات وكل ذلك فى فترة وجيزة قياساً بعُمْر الدول ومبرهناً أن الإمكانيات البترولية وغيرها لم تكن السبب الوحيد لتلك النهضة مقارنة بدول تملك كل مقومات النهوض والتطور ولكنها ما زالت تتخبط فى برامجها وقراراتها ولم تراوح مكانها منذ سنين بعيدة , وقد تم إستنفار كافة الجهود والإمكانيات من أجل مكانة الرجل القائد الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان الذى وجد إسمه وكذلك أعماله الطريق إلى قلوب الملايين من الناس حول العالم وما زالت ذكراه فى أذهانهم فى كل مناسبة                                                                              
وعندما لاحت بدايات العام 2019 م كان القرار قد تم إتخاذه فى دولة الإمارات ليكون هذا العام هو عام التسامح , والتسامح هو من أنبل القيم التى تتبناها المُجتمَعات المُتحضّرة والاُمم الراقية وهو النهج الذى إنفردت دولة الإمارات بقيادته وبتخصيص إسم عام التسامح له وتم تشكيل لجنة وطنية عليا لذلك بحيث يدور الهدف الأساسى لعام التسامح حول 7 من المحاور تم تحديدها وهى : -                                         
- التسامح فى المجتمع : والغاية هى تعزيز قيم التسامح بين الثقافات وفى الاُسَر والمجتمع وتفعيل دور المراكز الإجتماعية ومناشطها لترسيخ ذلك               
- التسامح فى التعليم : والمَسْعَى هو توفير برامج ومناهج تعليمية وتثقيفية بين الطلاب فى المدارس والجامعات والأندية الطلابية للإنفتاح على الثقافات التى تمثّل التنوع الحضارى لهم وللمجتمعات التى ينحدرون منها                               
- التسامح المؤسسى : يسعى إلى تعميم قيم التسامح فى المؤسسات الحكومية والخاصة عبر تنفيذ برامج تعبوية وتوعوية لتفعيل الفرص المتكافئة فى التوظيف وتقديم الخدمات  بمفهوم قيم التسامح  وصولاً إلى الغايات المرجوة والتى من أجلها تم إفراد كل الإمكانيات                                                 
- التسامح الثقافى : يسعى إلى إطلاق الإحتفاء بكل الجاليات المقيمة فى دولة الإمارات والتعريف بثقافاتها وتعزيز الترابط بينها وتنفيذ الفعاليات الرسمية والشعبية فى مجالات الفنون بكل مسمياتها  وما يصب فيها وذلك من أجل خدمة الأهداف التى وُضعت ويُنتظر تحقيقها                                      
- دور النموذج الإماراتى فى التسامح : يهدف إلى تعميم النموذج الإماراتى من خلال عقد المؤتمرات حول التسامح والعمل على تضمين ذلك فى المحتوى العِلمى والثقافى للتسامح من أجل إبراز دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح 
- السياسات والتشريعات : ستقوم اللجنة الوطنية العليا بوضع السياسات والتشريعات واللوائح التنفيذية التى تضمن إستمرارية قيم التسامح والإنفتاح على ثقافات وحضارات الاَخرين بما يتماشى مع قانون تعدد الثقافات                  
- التسامح فى الإعلام : يرمى إلى تسليط الضوء والتركيز على النموذج الإماراتى وقيم التسامح من خلال البرامج التلفزيونية والإذاعية وكذلك الصحافة و وسائط التواصل الإجتماعى وأى وسائل أخرى يمكن إستخدامها                                                       
وفى الختام فإنه ومن الواجب على كل الذين يعيشون على أرض دولة الإمارات أو خارجها وقد طالتهم أهداف وإنجازات الدولة أن يعرفوا بأن ذلك يتم عبر جيل من المسؤولين نذروا أنفسهم لخوض التحديات التى تبقى دولة الإمارات فى الطليعة من خلال التخطيط الصحيح وإتّباع المنهجية وإستغلال الطاقات والموارد بمسؤولية وشفافية حتى يتحقق المردود المطلوب الوصول إليه وأن على الجميع بذل جهد حقيقى من أجل أن يكون عام 2019 م هو عام التسامح كما تمت تسميته وأمام الجميع الفرصة والتحدى لإثبات ذلك