الاثنين، 30 نوفمبر 2015

فى رحاب أبوظبى

                                                فى رحاب أبوظبى


" إن واجب الوفاء والعرفان لوطن وفر الحياة الكريمة والسعيدة لكل أبنائه والمقيمين على أرضه يتطلب منا جميعاً أن نجعله دائماً فى أعماق قلوبنا "

من أقوال سمو الشيخ محمد بن زايد ال نهيان

تعتبر إمارة أبوظبى من المناطق النادرة التى تم إكتشاف اثار إستيطان فيها تعود إلى فترة ماقبل التاريخ , حيث تم العثور فى جزيرة مروح وجزيرة دلماعلى اثار تعود إلى ما يقارب السبعة ألاف سنة تشير إلى أن سواحل أبوظبى كانت مركزاً مهماً للحضارة وأن الإمارة تخللتها الكثير من الحضارات وكان من أهمها حفيت وحضارة أًم النار والتى كانت لها روابط تجارية بالكثير من البلاد وأهمها بلاد الرافدين , وكان يُطلق على أبوظبى أيضاً إسم مليح نسبة للأرض شديدة الملوحة والسبخة فى ذلك الوقت والتى لم يفلح معها كثيراً حفر الطوى لتوفير المياه فتم توصيل واحد من أول الأنابيب لحل تلك المعضلة ونقل المياه من منطقة الساد القريبة من مدينة العين إلى ابوظبى    
                                                                                                       
بدأت نهضة وإزدهار الإمارة مع بداية تصدير النفط فى سنة 1962م حيث تملك أبوظبى خامس أكبر إحتياطى من النفط فى العالم وهو مايعادل 10% من الإحتياطى النفطى على مستوى العالم وقد تم تأسيس جهاز أبوظبى للإستثمار فى سنة 1976 م والذى يُعتبر من أضخم الصناديق السيادية فى العالم لإستثمار الفائض من الأموال فى أصول ذات مخاطر قليلة وإنتهاجه لإستراتيجية تركز على تحقيق القيمة على المدى الطويل ,  وفى تقرير للبنك الدولى صدر فى سنة 2014 م قدر حجم أصول جهاز أبوظبى للإستثمار ب2.84 تريليون درهم أى مايعادل 773 مليار دولار , ومع ذلك لم تركن إمارة أبوظبى وترهن مستقبلها لعائدات النفط فقط , بل سعت إلى تقوية القطاع المالى و تنويع مصادر الدخل من خلال تطوير القطاعات الصناعية والعقارية والسياحية وجذب الإستثمارات مما أوصل أبوظبى لأن تكون المدينة الرابعة على مدن العالم المفضلة للعيش فيها وزيارتها وذلك على حسب تقرير ( أبسوم ) سنة 2013 م وأبسوم هى شركة عالمية لأبحاث السوق مقرها فى باريس وتملك معهد سينوفيت مما جعلها بأن تكون ثالث أكبر وكالة أبحاث فى العالم , وقد صُنفت مدينة أبوظبى كذلك بأنها المدينة الأولى الأكثر أماناً فى الشرق الأوسط  وتضم الإمارة كذلك مدينة مصدر وهى مجمع عالمى لتطوير قطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة تتولاه شركة أبوظبى لطاقة المستقبل والتى تتبع لشركة مبادلة للتنمية وبها أكبر محطة للطاقة الشمسية موجودة فى المنطقة وتضم مدينة مصدر أيضاً معهد مصدر للعلوم والتكنلوجيا لبحوث الطاقة البديلة والإستدامة بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنلوجيا                                                                               
فى سنة 2009 قامت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة والتى تشكلت من 75 دولة بإختيار أبوظبى لتكون المقر الرئيسى للأمانة العامة للوكالة " إيرينا " والتى تم إفتتاح مقر دائم لها فى مدينة مصدر فى يونيو2015 م , وتُعتبر الوكالة أحدث منظمة حكومية دولية والأسرع نمواً , حيث تضم حالياً 140 دولة إضافة إلى 32 دولة تستكمل إجراءات إنضمامها وتعمل مع الحكومات فى مختلف دول العالم من أجل تحقيق أهدافها فى مجال الطاقة المتجددة , وبحسب مركز الإحصاء فى أبوظبى فإن الإمارة تحتل المركز الأول عالمياً من حيث متوسط نصيب الفرد من الدخل القومى وقد أكد تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة سنة 2011 م بأنه لايوجد مواطن إماراتى يعيش فى فقر مدقع , بل أن مئات الألاف من الوافدين الذين شغلوا وظائف ذات دخل مرتفع بالنسبة لبلدان أخرى قد ساهموا ومن خلال التحويلات المالية فى دفع إقتصاد دولهم وتحمل أعباء ملايين الأسر التى تعيش هناك , أما فى مجال المساعدات الخارجية و فى محاضرة  فى مجلس الشيخ محمد بن زايد فى يوليو 2015م فقد أكد المحاضر بأن دولة الإمارات العربية المتحدة وفى الفترة من 2009 – 2013 م قدمت مساعدات للقارة الإفريقية بقيمة 21.71 مليار درهم بينما كان نصيب القارة الاسيوية من المساعدات 17.43 مليار درهم  وكانت دولة الإمارات قد إحتلت المركز الأول عالمياً كأكبر مانح للمساعدات الإنمائية الرسمية خلال سنة 2014 م قياساً على دخلها القومى الإجمالى    
                                                                                                      
وقد تبنت إمارة أبوظبى الكثير من القوانين والإجراءات لتصبح النموذج الأمثل للتعايش ونشر ثقافة السلم , ففيما يخص التوجه الدولى لمناهضة الكراهية والتمييز فإن سمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان وبصفته رئيساً لدولة الإمارات  وحاكماً لإمارة أبوظبى كان قد أصدر مرسوماً بقانون رقم 2 لسنة 2015م يحظر الإساءة إلى الذات الإلهية أو الاديان أو الأنبياء أو الرسل أو الكتب السماوية أو دور العبادة وفقاً لأحكام هذا القانون أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثنى .. كما جرم القانون كل قول أو عمل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو التمييز بين الأفراد والجماعات من خلال نشره على شبكة المعلومات أو شبكات الإتصالات أو المواقع الإلكترونية أو المواد الصناعية أو وسائل تقنية المعلومات أو أية وسيلة من الوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية وذلك بمختلف طرق التعبير كالقول أو الكتابة أو الرسم    
                                        
لم تكتفى إمارة أبوظبى بجذب الراغبين فى العيش بسلام وسعادة إليها عبر مثل هذه القوانين , بل وفوق كل ذلك فإن الجيش الإماراتى ومنذ زمن بعيد وفى إطار إضطلاعه بمهام حفظ السلام فى الوطن العربى والعالم قد شارك ضمن قوات الردع العربية لحفظ وحدة جمهورية لبنان فى الفترة من 10/11/1976 حتى نهاية 1979 وإنطلاقاً من وفاء جيش الإمارات بعهوده وإلتزاماته المؤيده لقضايا الحق والعدالة فقد شارك ضمن قوات درع الجزيرة فى عملية تحرير الكويت ضمن التحالف الدولى بدء من مرحلة عملية درع الصحراء 2/8/1990 – 23/2/1991م ثم مرحلة عملية عاصفة الصحراء 24/2/1991 – 27/2/1991 م ثم مرحلة التحرير وإنهاء العمليات العسكرية 3/3/1991 – يونيو 1992 م وتمت المشاركة أيضاً فى الصومال من ضمن قوات الأمم المتحدة لأسباب أغاثة وذلك بناء على قرار مجلس الأمن الدولى فى الفترة يناير 1993 – أبريل 1994 م وفى نهاية سنة 1996 م أرسل الجيش الإماراتى قوات إلى البوسنة للمشاركة فى المشروعات الإنسانية والإعمار وأعطت الأولية للطلاب وفتح المدارس وفى سنة 1999 م شارك جيش الإمارات أيضاً فى إقامة معسكر للالاف من اللاجئين الكوسوفيين فى منطقة كوكس بألبانيا وكانت الإمارات هى الدولة الوحيدة من خارج حلف الأطلسى التى تشارك فى تلك العمليات التى قام بها الناتو , وفى سنة 2001 م قامت القوات المسلحة الإماراتية وبناء على مشروع التضامن الاماراتى لنزع الالغام الموقع مع جمهورية لبنان فى 25/10/2001 م بتكلفة 50 مليون دولار أميريكى بتطهير أرض الجنوب اللبنانى من الالغام وفى بداية سنة 2003 م شارك الجيش الإماراتى أيضاً ضمن قوات " إيساف " فى أفغانستان وفى سنة 2011 وبناء على إجتماع طارئ لجامعة الدول العربية تحرك الجيش الإماراتى ضمن قوات درع الجزيرة لحفظ الامن والسلام فى مملكة البحرين وفى سنة 2014 م ومن منطلق حرص الإمارات على محاربة التطرف والفكر المنحرف شارك الجيش الإماراتى ومن خلال قواته الجوية بسرب من طائرات اف 16 ضمن قوات التحالف لمحاربة تنظيم داعش ووقف تمدده وسيطرته على مزيد من  المناطق فى الدولة العراقية , أما عندما تعلق الأمر بأمن المملكة العربية السعودية الشقيقة من خطر الحوثيين وضرورة إعادة الشرعية فى اليمن فإن جيش الإمارات لم يتوانى فى إرسال أسراب مقاتلاته الجوية وفيالق قواته البرية وقدم من أبناء الإمارات الشهيد تلو الشهيد دفاعاً عن الحق ومحاربة الإرهاب والتطرف  إقتداء بالشهيد سالم سهيل بن خميس وهو أول من إستشهد من أجل الإمارات فى 30/11/1971 وكانت ساعة النصر حين أعلن العميد الركن علي سيف الكعبى سقوط مديرية صرواح وتحرير سد مأرب بالكامل وقدم الجيش أروع نموذج للبسالة والشرف العسكرى والدفاع عن القيم النبيلة فى عملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل التى إنطلقت فى مارس 2015 تحت إمرة القائد الأعلى للقوات المسلحة سمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان , وإننى وكفرد يعيش على أرض دولة الإمارات  المعطاءة لا يسعنى وكغيرى من الاخرين إلا أن أدين بالوفاء والعرفان لهذا الوطن وشكر قادته والذين قدموا لى  فى سنة 1986 م وعبر وزارة الدفاع ميدالية ذكرى قيام إتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة  تقديراً لما يقدمه الفرد لهذا الوطن الجليل الذى نعيش على أرضه                                                                                                 



                                                                           جمال حسن أحمد حامد