السبت، 23 مايو 2020

عِيدٌ سَعِيد


       
         عِيدٌ سَعِيد 
    
هِلالٌ هَلّ ياشَهراً فَضِيل الصَوم قَد كَبّر
ففِيك الصَفح والمَولَى حَبَانا لَيلة المَأمَل
وناسٌ رؤية صَامَت وفيه رؤية تَفطر
فأهلِيك العِباد القائمين الليل مُستَكمَل
بك المَبغَى  يناجِى جَنّة يا أبرَك الأشهُر
وفيك الأنفُس السمحاء فى أجسامنا مَحمَل
هى البذل الذى للَخَيرِ يبقَى فَضله أوفَر
وها تِلك الثنايا تألف المَحفَى وقد أقبَل
وللعِيد المُوَارَى فى بزوغ الفَجر قد أجهَر
فَقُلنا مَرحَبَاً عاشت لنا أفراحه مَأصَل
وقَد دُرنَا إلى عيدٍ جَديدٍ عامه أخبَر
لنغدو فى قلوبٍ مُؤمِناتٍ قُدّس المَشمَل

الأحد، 17 مايو 2020

الصَمغُ العَربِى


                                   الصَمغُ العَربِى 
                               

الكثير من البلدان وبعض المناطق الجغرافية فى العالم لديها ثروات طبيعية هائلة وذات فوائد وإيرادات مرتفعة تجعلها تتميز بها عن غيرها من حيث وفرة ونوعية الإنتاج والعوائد المُجزية لمثل تلك الثروات الطبيعية التى تدخل فى الكثير من الصناعات والإستخدامات التى لا سبيل للإستغناء عنها لأى دولة ما أو شركة ترتبط مصالحها ومنتجاتها بها , فعلى سبيل المثال فإن بلد مثل  السودان وبما يتمتع به من ثروات حيوانية هائلة تُقدر بالملايين من حيث تعدادها والمليارات من حيث قيمتها وكذلك كل أنواع الخضروات والفواكه والمحاصيل الأخرى والمعادن فإن الوضع يتطلب منه تنمية تلك الثروات وتطوير مواردها وزيادة صادراتها فى عالم صارت المصالح الإقتصادية فيه تقتضى مراعاة صادرات السودان إلى دول العالم الأخرى وشركاته فى تلك الدول مثلما يقوم السودان بذات المعاملة للدول التى لديها شركات وإستثمارات ومصالح فى السودان من أجل عوائد تسهم فى تنفيذ الخطط والبرامج الداخلية لكل بلد وبما يخدم تطلعات وطموحات مواطنيه , إذ أن السودان أيضاً يُعتبر من أكبر الدول التى تزخر بالعديد من الأشجار التى نادراً ما توجد فى مكان اَخر وتدخل ثمارها فى الكثير من الصناعات والأدوية العلاجية وأهم تلك الأشجار هى التبلدى , العرديب , الهجليج , الكركدى , القَرَض وكذلك أهم تلك الثمارعلى الإطلاق ما يُستخرج من صمغ عربى من شجرتى الهَشَاب والطَلح , وقد ظلّت عوائد وإيرادات كل تلك الثروات مجتمعة ذات فضل كبير فى تماسك الإقتصاد السودانى وعودته لمكانته السابقة فى طليعة دول المنطقة مرة أخرى فى ظل إنكماش عائدات النفط وبعض المعادن الأخرى التى كان يعتمد عليها فى تنفيذ برامجه وخططه لتسيير عمليات التعمير , تطوير الإقتصاد , تمويل الصناعات , المساهمة فى التنمية وتمويل  عمليات إستيراد السلع والمواد وكذلك رفد خزينة الدولة بإحتياطى العُملات و النقد الأجنبى                                                                        
الصمغ العربى الذى يستحوذ السودان على 80% من إنتاجه العالمى ويشكل مع باقى المنتجات والصادرات الأخرى مصدر دخل مهم لدعم الإقتصاد السودانى ويقع فى حزام زراعى يُطلق عليه " حزام الصمغ العربى " ويمتد على مساحة 500 ألف كيلومتر مربع بين خطى عرض 10 إلى 14 شمال خط الإستواء له أهمية عالمية كبيرة جداً ولا تكمن أهميته للسودان فقط من الناحية الإقتصادية ولكنه مُنتَج مهم لكل دول العالم , حيث يدخل فى الكثير من الصناعات الدوائية , إنتاج الطلاء , زجاج السيارات , العطور والمواد اللاصقة , الطباعة الحجرية , صناعة الملابس والنسيج والأهم من ذلك كله أن الصمغ العربى هو المادة الأساسية فى صناعة مشروب البيبسى وكذلك الكوكاكولا وتستورد الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حوالى 70% من إنتاج السودان بشرائه من أجل شركاتها وتحديداً شركة كوكاكولا التى تبلغ أرباح مبيعاتها بلايين الدولارات معتمدة تماماً على الصمغ العربى وقد ظلّ الطلب عليه دائماً فى حالة ثبات وإزدياد أحياناً دون أن يتأثر بإزدياد أو إنحسار العلاقات الإقتصادية فى المجالات الأخرى ومثلما تُعتبر كُبريات شركات الخدمات الإلكترونية والمعلوماتية كغوغل ومايكروسوفت وفيسبوك وغيرها أعمدة أساسية للإقتصاد الامريكى إضافة للشركات الأخرى العملاقة فى مجالات الصناعات فإن شركة كوكاكولا تُعتبر من أهم الشركات فى العالم وليس فى أميركا فقط التى تعمل فى مجال السلع الإستهلاكية ودعامة قوية للإقتصاد الامريكى بأرباح قدرّها تقرير فوربس بتاريخ 22 يوليو 2019 وبعض المواقع المتخصصة الأخرى بأن تكون أرباح الشركة لذلك العام بين 34.8 إلى 37 بليون دولار وهكذا يثبت الصمغ العربى مصحوباً بالمنتجات الأخرى بأن السودان من أغنى البلدان فى المجال الإقتصادى أيضاً إضافة إلى المجالات الأخرى وشعبه يستحق الحياة الكريمة والرفاهية والتمتع بخيراته وأمواله وكذلك المزيد من الإستقرار والتطور والإندماج فى المجتمع الدولى دون قيود أوعراقيل تنهى عنها المواثيق والقوانين وتحد من دوره الفعّال والطبيعى فى المنظومة الدولية كما يجب وكما هو الحال لكل الدول الأخرى                                                                                                             

الأحد، 10 مايو 2020

تَوافُق التَقنِية والعُلوم الإنسانِية والرُوحَانيِات

   تَوافُق التَقنِية والعُلوم الإنسانِية والرُوحَانيِات       
                         

فى الوقت الذى بدأت فيه كل دول العالم سباقاً مع الزمن من أجل إكتشاف علاج من فايروس كورونا 19 أوعلى الأقل الحد من إتساع تأثيره واَثاره التى شلّت معظم نشاطات الحياة على كوكب الأرض, فقد فاجأ مركز أبوظبى للخلايا الجذعية العالم فى الأول من مايو2020 م بتحقيقه للإنجاز العِلمى بإكتشاف العلاج الداعم للشفاء من فيروس كورونا 19 وذلك بالإبتكار الذى حققه وطوّره مركز أبوظبى للخلايا الجذعية وتمت به معالجة 73 حالة مُصابة وكانت النتيجة إيجابية للتجاوب مع العلاج مصحوبة بالعمل على  إجراء المزيد من الأبحاث للتأكد وإثبات فعالية العلاج , كما واصلت مراكز البحوث والجامعات والمستشفيات العالمية وكذلك مئات الاَلاف من المختبرات الطبية جهودها الدؤوبة للوصول إلى لقاح أو علاج من فايروس كورونا كوفيد 19 ورصدت لذلك مليارات الدولارات من أجل علاج نهائى لذلك البلاء وعلى أمل أن يقول التقدّم العِلمى كلمته وتقول التكنلوجيا والتقنية وكذلك الصناعة التى تم تطويرها عبر السنين حتى أوصلت الإنسان إلى المريخ والقمر كلمتها أيضا كما قالتها من قبل حينما سخّرها العقل البشرى فى أعظم إكتشاف وهو الإنترنت والحواسيب الاَلية التى لم يعد للعالم غنى عنها من أجل حياة تتسم بالسهولة والسرعة والرفاهية وكذلك إكتشاف أدوية البنسلين والكلوراكين وعملية البسترة وكذلك تطوير التكنلوجيا الرقمية وعلوم الذرّة وعلوم الحمض النووى وكذلك الأشعة السينية وعلوم الفضاء منذ أيام رائد الفضاء قاقارين إضافة إلى تطوير وسائل التوظيف الأمثل للطاقة بِمَصدَريها المتجدد وغير المتجدد وشَكلَيها الكامن والحركى وسيظل العالم فى حالة إهتمام إلى حين إكتشاف العلاج الشافى تماماً كى تعود الحياة لطبيعتها ويهنأ سُكان الأرض بذلك                                              
إنّ ترسيخ أهمية دور العلوم الإنسانية بمجالاتها التى تشمل التربية , الحقوق , التشريع , اللغات , التاريخ , علم الإجتماع , الأخلاق , الفنون , الفلسفة , الاَداب ونظريات النقد لا يقل أهمية و شأناً فى تأثيره على النظام البشرى و حث الشعوب على التقارب والتاَزر وتوجيه المجتمعات البشرية إلى أهمية الحفاظ على الأمن والسِلم والأرواح و وجوب التعاون بين الدول لتخليص البشر من جائحة كورونا والأوضاع التى تسبب  فيها كورونا كوفيد 19 وكذلك ضرورة إستعانة البشر بالله والإيمان به بممارسة العبادات من خلال الصلاة وطُرق التعبّد الأخرى وذلك تجاوباً مع الدعوة التى وجهتها لجنة الأخوة الإنسانية لكل الشعوب والأديان فى كل بقاع الأرض و حددت يوم 14 مايو 2020 م بأن يكون " اليوم العالمى للصلاة " وذلك بهدف طلب العون من الله برفع الوباء ونجاح العلماء والأطباء فى إكتشاف علاج أو لقاح ونرجو أن يتم تضمين تاريخ " اليوم العالمى للصلاة " فى سجلات منظمة الأمم المتحدة ليكون كغيره من الأيام والمناسبات الدولية لمنظمة الأمم المتحدة ويتم الإحتفال به وممارسة شعائره سنوياً فى ذات التاريخ , هذا وقد حُظيت الدعوة إلى وحدة جميع الأديان فى دعوة رب السماء ليرفع البلاء بدعم من شخصيات دينية معروفة ومؤثرة وتمثّل مختلف الديانات وذلك إستناداً إلى أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية التى تم التوقيع عليها فى 04/02/2019 م وتماشياً مع جوهرها فى التقريب بين الشعوب بمختلف دياناتهم وفيما يلى نَصّها :          
                         

نص الوثيقة

مقدمة
يحملُ الإيمانُ المؤمنَ على أن يَرَى في الآخَر أخًا له، عليه أن يُؤازرَه ويُحبَّه. وانطلاقًا من الإيمان بالله الذي خَلَقَ الناسَ جميعًا وخَلَقَ الكونَ والخلائقَ وساوَى بينَهم برحمتِه، فإنَّ المؤمنَ مَدعُوٌّ للتعبيرِ عن هذه الأُخوَّةِ الإنسانيَّةِ بالاعتناءِ بالخَلِيقةِ وبالكَوْنِ كُلِّه، وبتقديمِ العَوْنِ لكُلِّ إنسانٍ، لا سيَّما الضُّعفاءِ منهم والأشخاصِ الأكثرِ حاجَةً وعَوَزًا.
وانطلاقًا من هذا المعنى المُتسامِي، وفي عِدَّةِ لقاءاتٍ سادَها جَوٌّ مُفعَمٌ بالأُخوَّةِ والصَّداقةِ تَشارَكنا الحديثَ عن أفراحِ العالم المُعاصِر وأحزانِه وأزماتِه سواءٌ على مُستَوى التقدُّم العِلميِّ والتقنيِّ، والإنجازاتِ العلاجيَّة، والعصرِ الرَّقميِّ، ووسائلِ الإعلامِ الحديثةِ، أو على مستوى الفقرِ والحُروبِ، والآلامِ التي يُعاني منها العديدُ من إخوتِنا وأخَواتِنا في مَناطقَ مُختلِفةٍ من العالمِ، نتيجةَ سِباقِ التَّسلُّح، والظُّلمِ الاجتماعيِّ، والفسادِ، وعدَمِ المُساواةِ، والتدهورِ الأخلاقيِّ، والإرهابِ، والعُنصُريَّةِ والتَّطرُّفِ، وغيرِها من الأسبابِ الأُخرى.
ومن خِلالِ هذه المُحادَثاتِ الأخَويَّةِ الصادِقةِ التي دارت بينَنا، وفي لقاءٍ يَملَؤُهُ الأمَلُ في غَدٍ مُشرِق لكُلِّ بني الإنسانِ، وُلِدت فكرةُ «وثيقة الأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ»، وجرى العَمَلُ عليها بإخلاصٍ وجديَّةٍ؛ لتكونَ إعلانًا مُشتَركًا عن نَوايا صالحةٍ وصادقةٍ من أجل دعوةِ كُلِّ مَن يَحمِلُونَ في قُلوبِهم إيمانًا باللهِ وإيمانًا بالأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ أن يَتَوحَّدُوا ويَعمَلُوا معًا من أجلِ أن تُصبِحَ هذه الوثيقةُ دليلًا للأجيالِ القادِمةِ، يَأخُذُهم إلى ثقافةِ الاحترامِ المُتبادَلِ، في جَوٍّ من إدراكِ النِّعمةِ الإلهيَّةِ الكُبرَى التي جَعلَتْ من الخلقِ جميعًا إخوةً.

الوثيقة

باسمِ الله الَّذي خَلَقَ البَشَرَ جميعًا مُتَساوِين في الحُقُوقِ والواجباتِ والكَرامةِ، ودَعاهُم للعَيْشِ كإخوةٍ فيما بَيْنَهم ليُعَمِّروا الأرضَ، ويَنشُروا فيها قِيَمَ الخَيْرِ والمَحَبَّةِ والسَّلامِ.
باسمِ النفسِ البَشَريَّةِ الطَّاهِرةِ التي حَرَّمَ اللهُ إزهاقَها، وأخبَرَ أنَّه مَن جَنَى على نَفْسٍ واحدةٍ فكأنَّه جَنَى على البَشَريَّةِ جَمْعاءَ، ومَنْ أَحْيَا نَفْسًا واحدةً فكَأنَّما أَحْيَا الناسَ جميعًا.
باسمِ الفُقَراءِ والبُؤَساءِ والمَحرُومِينَ والمُهمَّشِينَ الَّذين أَمَرَ اللهُ بالإحسانِ إليهم ومَدِّ يَدِ العَوْنِ للتَّخفِيفِ عنهم، فرضًا على كُلِّ إنسانٍ لا سيَّما كُلِّ مُقتَدرٍ ومَيسُورٍ.
باسمِ الأيتامِ والأَرامِلِ، والمُهَجَّرينَ والنَّازِحِينَ من دِيارِهِم وأَوْطانِهم، وكُلِّ ضَحايا الحُرُوبِ والاضطِهادِ والظُّلْمِ، والمُستَضعَفِينَ والخائِفِينَ والأَسْرَى والمُعَذَّبِينَ في الأرضِ، دُونَ إقصاءٍ أو تمييزٍ.
باسمِ الشُّعُوبِ التي فقَدَتِ الأَمْنَ والسَّلامَ والتَّعايُشَ، وحَلَّ بها الدَّمارُ والخَرَابُ والتَّناحُر.
باسمِ «الأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ» التي تَجمَعُ البَشَرَ جميعًا، وتُوحِّدُهم وتُسوِّي بينَهم.
باسم تلك الأُخُوَّةِ التي أرهَقَتْها سِياساتُ التَّعَصُّبِ والتَّفرِقةِ، التي تَعبَثُ بمَصائِرِ الشُّعُوبِ ومُقَدَّراتِهم، وأَنظِمةُ التَّرَبُّحِ الأَعْمَى، والتَّوَجُّهاتُ الأيدلوجيَّةِ البَغِيضةِ.
باسمِ الحُرِّيَّةِ التي وَهَبَها اللهُ لكُلِّ البَشَرِ وفطَرَهُم عليها ومَيَّزَهُم بها.
باسمِ العَدْلِ والرَّحمةِ، أساسِ المُلْكِ وجَوْهَرِ الصَّلاحِ.
باسمِ كُلِّ الأشخاصِ ذَوِي الإرادةِ الصالحةِ، في كلِّ بِقاعِ المَسكُونَةِ.
باسمِ اللهِ وباسمِ كُلِّ ما سَبَقَ، يُعلِنُ الأزهَرُ الشريفُ - ومِن حَوْلِه المُسلِمُونَ في مَشارِقِ الأرضِ ومَغارِبِها - والكنيسةُ الكاثوليكيَّةُ - ومِن حولِها الكاثوليك من الشَّرقِ والغَرْبِ - تَبنِّي ثقافةِ الحوارِ دَرْبًا، والتعاوُنِ المُشتركِ سبيلًا، والتعارُفِ المُتَبادَلِ نَهْجًا وطَرِيقًا.
إنَّنا نحن - المُؤمِنين باللهِ وبلِقائِه وبحِسابِه - ومن مُنطَلَقِ مَسؤُوليَّتِنا الدِّينيَّةِ والأدَبيَّةِ، وعَبْرَ هذه الوثيقةِ، نُطالِبُ أنفُسَنا وقادَةَ العالَمِ، وصُنَّاعَ السِّياساتِ الدَّولِيَّةِ والاقتصادِ العالَمِيِّ، بالعمَلِ جدِّيًّا على نَشْرِ ثقافةِ التَّسامُحِ والتعايُشِ والسَّلامِ، والتدخُّلِ فَوْرًا لإيقافِ سَيْلِ الدِّماءِ البَرِيئةِ، ووَقْفِ ما يَشهَدُه العالَمُ حاليًّا من حُرُوبٍ وصِراعاتٍ وتَراجُعٍ مناخِيٍّ وانحِدارٍ ثقافيٍّ وأخلاقيٍّ.
ونَتَوجَّهُ للمُفكِّرينَ والفَلاسِفةِ ورِجالِ الدِّينِ والفَنَّانِينَ والإعلاميِّين والمُبدِعِينَ في كُلِّ مكانٍ ليُعِيدُوا اكتشافَ قِيَمِ السَّلامِ والعَدْلِ والخَيْرِ والجَمالِ والأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ والعَيْشِ المُشتَرَكِ، وليُؤكِّدوا أهميَّتَها كطَوْقِ نَجاةٍ للجَمِيعِ، وليَسعَوْا في نَشْرِ هذه القِيَمِ بينَ الناسِ في كلِّ مكان.
إنَّ هذا الإعلانَ الذي يأتي انطِلاقًا من تَأمُّلٍ عَمِيقٍ لواقعِ عالَمِنا المُعاصِرِ وتقديرِ نجاحاتِه ومُعايَشةِ آلامِه ومَآسِيهِ وكَوارِثِه - لَيُؤمِنُ إيمانًا جازمًا بأنَّ أهمَّ أسبابِ أزمةِ العالمِ اليَوْمَ يَعُودُ إلى تَغيِيبِ الضميرِ الإنسانيِّ وإقصاءِ الأخلاقِ الدِّينيَّةِ، وكذلك استِدعاءُ النَّزْعَةِ الفرديَّةِ والفَلْسَفاتِ المادِّيَّةِ، التي تُؤَلِّهُ الإنسانَ، وتَضَعُ القِيَمَ المادِّيَّةَ الدُّنيويَّةَ مَوْضِعَ المَبادِئِ العُلْيَا والمُتسامِية.
إنَّنا، وإنْ كُنَّا نُقدِّرُ الجوانبَ الإيجابيَّةَ التي حقَّقَتْها حَضارَتُنا الحَدِيثةُ في مَجالِ العِلْمِ والتِّقنيةِ والطبِّ والصِّناعةِ والرَّفاهِيةِ، وبخاصَّةٍ في الدُّوَلِ المُتقدِّمةِ، فإنَّا - مع ذلك - نُسجِّلُ أنَّ هذه القَفزات التاريخيَّةَ الكُبرى والمَحمُودةَ تَراجَعَتْ معها الأخلاقُ الضَّابِطةُ للتصرُّفاتِ الدوليَّةِ، وتَراجَعَتِ القِيَمُ الرُّوحِيَّةُ والشُّعُورُ بالمَسؤُوليَّةِ؛ ممَّا أسهَمَ في نَشْرِ شُعُورٍ عامٍّ بالإحباطِ والعُزْلَةِ واليَأْسِ، ودَفَعَ الكَثِيرينَ إلى الانخِراطِ إمَّا في دَوَّامةِ التَّطرُّفِ الإلحاديِّ واللادينيِّ، وإمَّا في دوامة التَّطرُّفِ الدِّينيِّ والتشدُّدِ والتَّعصُّبِ الأعمى، كما دَفَعَ البعضَ إلى تَبَنِّي أشكالٍ من الإدمانِ والتَّدمِيرِ الذاتيِّ والجَماعيِّ.
إنَّ التاريخَ يُؤكِّدُ أنَّ التطرُّفَ الدِّينيَّ والقوميَّ والتعصُّبَ قد أثمَرَ في العالَمِ، سواءٌ في الغَرْبِ أو الشَّرْقِ، ما يُمكِنُ أن نُطلِقَ عليه بَوادِر «حربٍ عالميَّةٍ ثالثةٍ على أجزاءٍ»، بدَأَتْ تَكشِفُ عن وَجهِها القبيحِ في كثيرٍ من الأماكنِ، وعن أوضاعٍ مَأساويَّةٍ لا يُعرَفُ - على وَجْهِ الدِّقَّةِ - عَدَدُ مَن خلَّفَتْهم من قَتْلَى وأرامِلَ وثَكالى وأيتامٍ، وهناك أماكنُ أُخرَى يَجرِي إعدادُها لمَزيدٍ من الانفجارِ وتكديسِ السِّلاح وجَلْبِ الذَّخائرِ، في وَضْعٍ عالَمِيٍّ تُسيطِرُ عليه الضَّبابيَّةُ وخَيْبَةُ الأملِ والخوفُ من المُستَقبَلِ، وتَتحكَّمُ فيه المَصالحُ الماديَّةُ الضيِّقة.
ونُشدِّدُ أيضًا على أنَّ الأزماتِ السياسيَّةَ الطاحنةَ، والظُّلمَ وافتِقادَ عَدالةِ التوزيعِ للثرواتِ الطبيعيَّة - التي يَستَأثِرُ بها قِلَّةٌ من الأثرياءِ ويُحرَمُ منها السَّوادُ الأعظَمُ من شُعُوبِ الأرضِ – قد أَنْتَجَ ويُنْتِجُ أعدادًا هائلةً من المَرْضَى والمُعْوِزِين والمَوْتَى، وأزماتٍ قاتلةً تَشهَدُها كثيرٌ من الدُّوَلِ، برغمِ ما تَزخَرُ به تلك البلادُ من كُنوزٍ وثَرواتٍ، وما تَملِكُه من سَواعِدَ قَويَّةٍ وشبابٍ واعدٍ. وأمامَ هذه الأزمات التي تجعَلُ مَلايينَ الأطفالِ يَمُوتُونَ جُوعًا، وتَتحَوَّلُ أجسادُهم - من شِدَّةِ الفقرِ والجوعِ - إلى ما يُشبِهُ الهَيَاكِلَ العَظميَّةَ الباليةَ، يَسُودُ صمتٌ عالميٌّ غيرُ مقبولٍ.
وهنا تَظهَرُ ضرورةُ الأُسرَةِ كنواةٍ لا غِنى عنها للمُجتمعِ وللبشريَّةِ، لإنجابِ الأبناءِ وتَربيتِهم وتَعليمِهم وتَحصِينِهم بالأخلاقِ وبالرعايةِ الأُسريَّةِ، فمُهاجَمةُ المُؤسَّسةِ الأسريَّةِ والتَّقلِيلُ منها والتَّشكيكُ في أهميَّةِ دَوْرِها هو من أخطَرِ أمراض عَصرِنا.
إنَّنا نُؤكِّدُ أيضًا على أهميَّةِ إيقاظِ الحِسِّ الدِّينيِّ والحاجةِ لبَعْثِه مُجدَّدًا في نُفُوسِ الأجيالِ الجديدةِ عن طريقِ التَّربيةِ الصَّحِيحةِ والتنشئةِ السَّليمةِ والتحلِّي بالأخلاقِ والتَّمسُّكِ بالتعاليمِ الدِّينيَّةِ القَوِيمةِ لمُواجَهةِ النَّزعاتِ الفرديَّةِ والأنانيَّةِ والصِّدامِيَّةِ، والتَّطرُّفِ والتعصُّبِ الأعمى بكُلِّ أشكالِه وصُوَرِه.
إنَّ هَدَفَ الأديانِ الأوَّلَ والأهمَّ هو الإيمانُ بالله وعبادتُه، وحَثُّ جميعِ البَشَرِ على الإيمانِ بأنَّ هذا الكونَ يَعتَمِدُ على إلهٍ يَحكُمُه، هو الخالقُ الذي أَوْجَدَنا بحِكمةٍ إلهيَّةٍ، وأَعْطَانَا هِبَةَ الحياةِ لنُحافِظَ عليها، هبةً لا يَحِقُّ لأيِّ إنسانٍ أن يَنزِعَها أو يُهَدِّدَها أو يَتَصرَّفَ بها كما يَشاءُ، بل على الجميعِ المُحافَظةُ عليها منذُ بدايتِها وحتى نهايتِها الطبيعيَّةِ؛ لذا نُدِينُ كُلَّ المُمارَسات التي تُهدِّدُ الحياةَ؛ كالإبادةِ الجماعيَّةِ، والعَمَليَّاتِ الإرهابيَّة، والتهجيرِ القَسْرِيِّ، والمُتاجَرةِ بالأعضاءِ البشَرِيَّةِ، والإجهاضِ، وما يُطلَقُ عليه الموت (اللا) رَحِيم، والسياساتِ التي تُشجِّعُها.
كما نُعلنُ - وبحَزمٍ - أنَّ الأديانَ لم تَكُنْ أبَدًا بَرِيدًا للحُرُوبِ أو باعثةً لمَشاعِرِ الكَراهِيةِ والعداءِ والتعصُّبِ، أو مُثِيرةً للعُنْفِ وإراقةِ الدِّماءِ، فهذه المَآسِي حَصِيلَةُ الانحِرافِ عن التعاليمِ الدِّينِيَّة، ونتيجةُ استِغلالِ الأديانِ في السِّياسَةِ، وكذا تأويلاتُ طائفةٍ من رِجالاتِ الدِّينِ - في بعض مَراحِلِ التاريخِ - ممَّن وظَّف بعضُهم الشُّعُورَ الدِّينيَّ لدَفْعِ الناسِ للإتيانِ بما لا علاقةَ له بصَحِيحِ الدِّينِ، من أجلِ تَحقِيقِ أهدافٍ سياسيَّةٍ واقتصاديَّةٍ دُنيويَّةٍ ضَيِّقةٍ؛ لذا فنحنُ نُطالِبُ الجميعَ بوَقْفِ استخدامِ الأديانِ في تأجيجِ الكراهيةِ والعُنْفِ والتطرُّفِ والتعصُّبِ الأعمى، والكَفِّ عن استخدامِ اسمِ الله لتبريرِ أعمالِ القتلِ والتشريدِ والإرهابِ والبَطْشِ؛ لإيمانِنا المُشتَرَكِ بأنَّ الله لم يَخْلُقِ الناسَ ليُقَتَّلوا أو ليَتَقاتَلُوا أو يُعذَّبُوا أو يُضيَّقَ عليهم في حَياتِهم ومَعاشِهم، وأنَّه - عَزَّ وجَلَّ - في غِنًى عمَّن يُدَافِعُ عنه أو يُرْهِبُ الآخَرِين باسمِه.
إنَّ هذه الوثيقةَ، إذ تَعتَمِدُ كُلَّ ما سبَقَها من وَثائِقَ عالَمِيَّةٍ نَبَّهَتْ إلى أهميَّةِ دَوْرِ الأديانِ في بِناءِ السَّلامِ العالميِّ، فإنَّها تُؤكِّدُ الآتي:
-القناعةُ الراسخةُ بأنَّ التعاليمَ الصحيحةَ للأديانِ تَدعُو إلى التمسُّك بقِيَمِ السلام وإعلاءِ قِيَمِ التعارُّفِ المُتبادَلِ والأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ والعَيْشِ المشترَكِ، وتكريس الحِكْمَةِ والعَدْلِ والإحسانِ، وإيقاظِ نَزْعَةِ التديُّن لدى النَّشْءِ والشبابِ؛ لحمايةِ الأجيالِ الجديدةِ من سَيْطَرَةِ الفكرِ المادِّيِّ، ومن خَطَرِ سِياساتِ التربُّح الأعمى واللامُبالاةِ القائمةِ على قانونِ القُوَّةِ لا على قُوَّةِ القانونِ.
-أنَّ الحريَّةَ حَقٌّ لكُلِّ إنسانٍ: اعتقادًا وفكرًا وتعبيرًا ومُمارَسةً، وأنَّ التَّعدُّدِيَّةَ والاختلافَ في الدِّينِ واللَّوْنِ والجِنسِ والعِرْقِ واللُّغةِ حِكمةٌ لمَشِيئةٍ إلهيَّةٍ، قد خَلَقَ اللهُ البشَرَ عليها، وجعَلَها أصلًا ثابتًا تَتَفرَّعُ عنه حُقُوقُ حُريَّةِ الاعتقادِ، وحريَّةِ الاختلافِ، وتجريمِ إكراهِ الناسِ على دِينٍ بعَيْنِه أو ثقافةٍ مُحدَّدةٍ، أو فَرْضِ أسلوبٍ حضاريٍّ لا يَقبَلُه الآخَر.
-أنَّ العدلَ القائمَ على الرحمةِ هو السبيلُ الواجبُ اتِّباعُه للوُصولِ إلى حياةٍ كريمةٍ، يحقُّ لكُلِّ إنسانٍ أن يَحْيَا في كَنَفِه.
أنَّ الحوارَ والتفاهُمَ ونشرَ ثقافةِ التسامُحِ وقَبُولِ الآخَرِ والتعايُشِ بين الناسِ، من شأنِه أن يُسهِمَ في احتواءِ كثيرٍ من المشكلاتِ الاجتماعيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة والبيئيَّة التي تُحاصِرُ جُزءًا كبيرًا من البَشَرِ.
-        أنَّ الحوارَ بين المُؤمِنين يَعنِي التلاقيَ في المساحةِ الهائلةِ للقِيَمِ الرُّوحيَّةِ والإنسانيَّةِ والاجتماعيَّةِ المُشترَكةِ، واستثمارَ ذلك في نَشْرِ الأخلاقِ والفَضائلِ العُلْيَا التي تدعو إليها الأديانُ، وتَجنُّبَ الجَدَلِ العَقِيمِ.
-أنَّ حمايةَ دُورِ العبادةِ، من مَعابِدَ وكَنائِسَ ومَساجِدَ، واجبٌ تَكفُلُه كُلُّ الأديانِ والقِيَمِ الإنسانيَّةِ والمَوَاثيقِ والأعرافِ الدوليَّةِ، وكلُّ محاولةٍ للتعرُّضِ لِدُورِ العبادةِ، واستهدافِها بالاعتداءِ أو التفجيرِ أو التهديمِ، هي خُروجٌ صَرِيحٌ عن تعاليمِ الأديانِ، وانتهاكٌ واضحٌ للقوانينِ الدوليَّةِ.
-   أنَّ الإرهابَ البَغِيضَ الذي يُهدِّدُ أمنَ الناسِ، سَواءٌ في الشَّرْقِ أو الغَرْبِ، وفي الشَّمالِ والجَنوبِ، ويُلاحِقُهم بالفَزَعِ والرُّعْبِ وتَرَقُّبِ الأَسْوَأِ، ليس نِتاجًا للدِّين - حتى وإنْ رَفَعَ الإرهابيُّون لافتاتِه ولَبِسُوا شاراتِه - بل هو نتيجةٌ لتَراكُمات الفُهُومِ الخاطئةِ لنُصُوصِ الأديانِ وسِياساتِ الجُوعِ والفَقْرِ والظُّلْمِ والبَطْشِ والتَّعالِي؛ لذا يجبُ وَقْفُ دَعْمِ الحَرَكاتِ الإرهابيَّةِ بالمالِ أو بالسلاحِ أو التخطيطِ أو التبريرِ، أو بتوفيرِ الغِطاءِ الإعلاميِّ لها، واعتبارُ ذلك من الجَرائِمِ الدوليَّةِ التي تُهدِّدُ الأَمْنَ والسِّلْمَ العالميَّين، ويجب إدانةُ ذلك التَّطرُّفِ بكُلِّ أشكالِه وصُوَرِه.
-أنَّ مفهومَ المواطنةِ يقومُ على المُساواةِ في الواجباتِ والحُقوقِ التي يَنعَمُ في ظِلالِها الجميعُ بالعدلِ؛ لذا يَجِبُ العملُ على ترسيخِ مفهومِ المواطنةِ الكاملةِ في مُجتَمَعاتِنا، والتخلِّي عن الاستخدام الإقصائيِّ لمصطلح «الأقليَّاتِ» الذي يَحمِلُ في طيَّاتِه الإحساسَ بالعُزْلَةِ والدُّونيَّة، ويُمهِّدُ لِبُذُورِ الفِتَنِ والشِّقاقِ، ويُصادِرُ على استحقاقاتِ وحُقُوقِ بعض المُواطِنين الدِّينيَّةِ والمَدَنيَّةِ، ويُؤدِّي إلى مُمارسةِ التمييز ضِدَّهُم.
-أنَّ العلاقةَ بينَ الشَّرْقِ والغَرْبِ هي ضَرُورةٌ قُصوَى لكِلَيْهما، لا يُمكِنُ الاستعاضةُ عنها أو تَجاهُلُها، ليَغتَنِيَ كلاهما من الحَضارةِ الأُخرى عَبْرَ التَّبادُلِ وحوارِ الثقافاتِ؛ فبإمكانِ الغَرْبِ أن يَجِدَ في حَضارةِ الشرقِ ما يُعالِجُ به بعضَ أمراضِه الرُّوحيَّةِ والدِّينيَّةِ التي نتَجَتْ عن طُغيانِ الجانبِ الماديِّ، كما بإمكانِ الشرق أن يَجِدَ في حضارةِ الغربِ كثيرًا ممَّا يُساعِدُ على انتِشالِه من حالاتِ الضعفِ والفُرقةِ والصِّراعِ والتَّراجُعِ العلميِّ والتقنيِّ والثقافيِّ. ومن المهمِّ التأكيدُ على ضَرُورةِ الانتباهِ للفَوَارقِ الدِّينيَّةِ والثقافيَّةِ والتاريخيَّةِ التي تَدخُلُ عُنْصرًا أساسيًّا في تكوينِ شخصيَّةِ الإنسانِ الشرقيِّ، وثقافتِه وحضارتِه، والتأكيدُ على أهميَّةِ العمَلِ على تَرسِيخِ الحقوقِ الإنسانيَّةِ العامَّةِ المُشترَكةِ، بما يُسهِمُ في ضَمانِ حياةٍ كريمةٍ لجميعِ البَشَرِ في الشَّرْقِ والغَرْبِ بعيدًا عن سياسةِ الكَيْلِ بمِكيالَيْنِ.
أنَّ الاعترافَ بحَقِّ المرأةِ في التعليمِ والعملِ ومُمارَسةِ حُقُوقِها السياسيَّةِ هو ضَرُورةٌ مُلِحَّةٌ، وكذلك وجوبُ العملِ على تحريرِها من الضُّغُوطِ التاريخيَّةِ والاجتماعيَّةِ المُنافِيةِ لثَوابِتِ عَقيدتِها وكَرامتِها، ويَجِبُ حِمايتُها أيضًا من الاستغلالِ الجنسيِّ ومن مُعامَلتِها كسِلعةٍ أو كأداةٍ للتمتُّعِ والتربُّحِ؛ لذا يجبُ وقفُ كل المُمارَساتِ اللاإنسانية والعادات المُبتذِلة لكَرامةِ المرأةِ، والعمَلُ على تعديلِ التشريعاتِ التي تَحُولُ دُونَ حُصُولِ النساءِ على كامِلِ حُقوقِهنَّ.
أنَّ حُقوقَ الأطفالِ الأساسيَّةَ في التنشئةِ الأسريَّةِ، والتغذيةِ والتعليمِ والرعايةِ، واجبٌ على الأسرةِ والمجتمعِ، وينبغي أن تُوفَّرَ وأن يُدافَعَ عنها، وألَّا يُحرَمَ منها أيُّ طفلٍ في أيِّ مكانٍ، وأن تُدانَ أيَّةُ مُمارسةٍ تَنالُ من كَرامتِهم أو تُخِلُّ بحُقُوقِهم، وكذلك ضرورةُ الانتباهِ إلى ما يَتعرَّضُون له من مَخاطِرَ - خاصَّةً في البيئةِ الرقميَّة - وتجريمِ المُتاجرةِ بطفولتهم البريئةِ، أو انتهاكها بأيِّ صُورةٍ من الصُّوَرِ.
أنَّ حمايةَ حُقوقِ المُسنِّين والضُّعفَاءِ وذَوِي الاحتياجاتِ الخاصَّةِ والمُستَضعَفِينَ ضرورةٌ دِينيَّةٌ ومُجتمعيَّةٌ يَجِبُ العمَلُ على تَوفيرِها وحِمايتِها بتشريعاتٍ حازمةٍ وبتطبيقِ المواثيقِ الدوليَّة الخاصَّةِ بهم.
وفي سبيلِ ذلك، ومن خلالِ التعاون المُشترَكِ بين الكنيسةِ الكاثوليكيَّةِ والأزهرِ الشريفِ، نُعلِنُ ونَتَعهَّدُ أنَّنا سنعملُ على إيصالِ هذه الوثيقةِ إلى صُنَّاعِ القرارِ العالميِّ، والقياداتِ المؤثِّرةِ ورجالِ الدِّين في العالمِ، والمُنظَّماتِ الإقليميَّةِ والدوليَّةِ المَعنِيَّةِ، ومُنظَّماتِ المُجتَمَعِ المدنيِّ، والمؤسساتِ الدينيَّة وقادَةِ الفِكْرِ والرَّأيِ، وأن نَسْعَى لنشرِ ما جاءَ بها من مَبادِئَ على كافَّةِ المُستوياتِ الإقليميَّةِ والدوليَّةِ، وأن نَدعُوَ إلى تَرجمتِها إلى سِياساتٍ وقَراراتٍ ونُصوصٍ تشريعيَّةٍ، ومَناهجَ تعليميَّةٍ ومَوادَّ إعلاميَّةٍ.
كما نُطالِبُ بأن تُصبِحَ هذه الوثيقةُ مَوضِعَ بحثٍ وتأمُّلٍ في جميعِ المَدارسِ والجامعاتِ والمَعاهدِ التعليميَّةِ والتربويَّةِ؛ لتُساعِدَ على خَلْقِ أجيالٍ جديدةٍ تحملُ الخَيْرَ والسَّلامَ، وتُدافِعُ عن حقِّ المَقهُورِين والمَظلُومِين والبُؤَساءِ في كُلِّ مكانٍ.
ختامًا:
لتكن هذه الوثيقةُ دعوةً للمُصالَحة والتَّآخِي بين جميعِ المُؤمِنين بالأديانِ، بل بين المُؤمِنين وغيرِ المُؤمِنين، وكلِّ الأشخاصِ ذَوِي الإرادةِ الصالحةِ؛
لتَكُنْ وثيقتُنا نِداءً لكلِّ ضَمِيرٍ حيٍّ يَنبذُ العُنْفَ البَغِيضَ والتطرُّفَ الأعمى، ولِكُلِّ مُحِبٍّ لمَبادئِ التسامُحِ والإخاءِ التي تدعو لها الأديانُ وتُشجِّعُ عليها؛
لتكن وثيقتُنا شِهادةً لعَظَمةِ الإيمانِ باللهِ الذي يُوحِّدُ القُلوبَ المُتفرِّقةَ ويَسمُو بالإنسانِ؛
لتكن رمزًا للعِناقِ بين الشَّرْقِ والغَرْبِ، والشمالِ والجنوبِ، وبين كُلِّ مَن يُؤمِنُ بأنَّ الله خَلَقَنا لنَتعارَفَ ونَتعاوَنَ ونَتَعايَشَ كإخوةٍ مُتَحابِّين.
هذا ما نَأمُلُه ونسعى إلى تحقيقِه؛ بُغيةَ الوُصولِ إلى سلامٍ عالميٍّ يَنعمُ به الجميعُ في هذه الحياةِ.

الجمعة، 1 مايو 2020

حقائقٌ ومُقارَبات


                               حقائقٌ ومُقارَبات                                       

 فايروس كورونا الذى طال العالم فى فترة وجيزة وفاجأ معظم دول العالم بسرعة إنتشاره وخطورته مما حدا بالكثير من الدول لأن تتوقف عن كل شئ وتتفرغ لمجابهة اَثاره , هو فى الحقيقة مثّل تحدياً حقيقياً للكثير من الدول فى مَقدِرَتِها وجِدِيتها فى التعامل مع مثل تلك الأوضاع المستجدة بما تتمتع به تلك الدول من إمكانيات هائلة وتطور تقنى فى شتى المجالات وظلت تراهن على ذلك لإستمراريتها وتفوقفها وإستعدادها لكل طارئ يحول دون ذلك ولكن الكثير منها وقفت عاجزة عن كيفية التعامل الأمثل مع وباء كورونا بعد أن تحول إلى جائحة بينما هناك بعض الدول و بفضل حِكمة و حِنكة من يتولى المسؤولية فيها إستطاعت أن تتعامل بمثالية وفعالية مع ما تسبب فيه فايروس كورونا ومن تلك الدول وعلى سبيل المثال وليس الحصر هى دولة الإمارات التى تم إتخاذ سلسلة من التدابير والإجراءات فيها للتخفيف من وطأة اَثار الفايروس تمهيداً للتخلص منه و يلاحظ كل من تواجد فى دولة الإمارات خلال تلك الفترة تلك التدابير والإجراءات التى تمثّل أهمها فى ـ                                                                                              
# التوجيه الكامل من مسؤولى الدولة لكافة الوزارات , الدوائر , الهيئات , المؤسسات والقطاعات الحكومية وشبه الحكومية , القطاعات الإقتصادية والمالية وكذلك البنوك بأن تقدم على إجراءات وحوافز حقيقية وكذلك تسهيلات تتماشى مع الوضع الحالى وتسهم فى الإستقرار والتخفيف على الذين تأثرت أعمالهم و وظائفهم وذلك حتى يظلوا فى حالة عمل و إنتاج يسهم فى تسخير إمكانياتهم للمشاركة سوياً فى الخروج من الوضع الذى تسبب فيه فايروس كورونا ولكى تعود الأوضاع لطبيعتها                                                                                       
# الجهود الدؤوبة لوزارة وهيئات الصحة فى حملات التعقيم التى شملت أماكن العمل والمساكن وأماكن التجمعات العامة و وسائل النقل والمواصلات والشوارع إضافة للمستشفيات والفنادق التى تم تخصيصها للحجر الصحى للأشخاص الذين ثبتت إصابتهم وتوفير المستشفيات اللازمة والأجهزة والكوادر الطبية والتمريضية ذات الكفاءة العالية وإصدار النشرات التوعوية وعرض وضع الحالات المصابة يومياً و دورياً فى إطار الجهود المبذولة للتصدى لجائحة كورونا  فى أقل فترة ممكنة                                                                                   
# الإستنفار الكامل من قِبل وزارة الداخلية وكل قيادات وإدارات الشرطة للحفاظ على الأمن بما يشمل الناس والممتلكات والقيام بحملات تثقيفية وتوعوية بالأخطار وطرق الوقاية منها والمساهمة فى توزيع الكمامات وبعض المتطلبات الاخرى على المارة وفى بعض الأماكن التى تتطلب ذلك                                        
 # المراعاة التامة لأولئك اللذين لديهم تأشيرات وتصاريح زيارة أو إقامة وسواء تواجدوا فى الدولة أو خارجها وكان إنتهائها بعد الأول من مارس 2020 م بأن تُعتبر سارية المفعول حتى نهاية ديسمبر 2020 م وكان ذلك من العوامل المهمة فى طمأنة الناس بإمكانية عودتهم لأعمالهم وعائلاتهم وممارسة حياتهم الطبيعية كما كانت مع تقديم الكثير من التنازلات والتسهيلات فيما يخص المعاملات والإجراءات الجديدة خلال تلك الفترة من قِبل المسؤولين الذين بذلوا الجهود الحثيثة من أجل ذلك                                                                      

 # التشجيع الدائم لكافة مكونات المجتمع وقطاعاته للمشاركة فى الحملات التطوعية بكافة أنواعها ومفاهيمها وبما يتوفر لديهم من إمكانيات وتخصصات وكذلك رجال وسيدات الأعمال والشركات والمؤسسات بوضع جزء مما يرغبون فيه من إمكانياتهم المالية والخدمية تحت تصرف الجهات المختصة برغم أن البعض منهم قد بادر من تلقاء نفسه بذلك وتلك ظاهرة حضارية فى مثل تلك الأوضاع الإستثنائية التى تتطلب تعاون وتلاحم الجميع للقيام بما عليهم ولاتقلل من مكانة أو هيبة الدولة فى الإلتزام بما عليها القيام به تجاه من هم على مسؤوليتها                                                                                                    
# التناول الموضوعى لأجهزة الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة وبكل شفافية وحيادية فيما يكتنف المرحلة الحالية وذلك عبر إحصائيات عِلمية ونشرات دورية مقرونة بتوضيح الحقائق وتصريحات المسؤولين لعامة الجمهور بمختلف إهتماماتهم وشرائحهم وكذلك القيام بمهام التوعية والتنبيه ونشر الوعى والمعرفة العامة كما أن قطاع الإتصالات متمثلاً فى هيئة تنظيم الإتصالات و شركة دو قد سخّر أجود أنواع خدمات الهاتف والإنترنت وباقى الخدمات الرقمية التى تمثل نظاماً أساسياً وحيوياً لا إستغناء عنه فى هذه المرحلة أو غيرها خاصة فى مجالات إستخدام المعدات الطبية وشبكات التواصل وأجهزة الكمبيوتر وتطبيقاتها كما هو الحال فى المواصلات إن كانت سيارات خاصة أو حافلات عامة أو طائرات تسهم فى تنقل الناس وإنقاذ أرواحهم حين يتم إستخدامها كوسائل نقل إسعافية                                             
# الإستجابة المقدّرة من كافة الهيئات والمؤسسات التى يتمثل نشاط عملها فى الأعمال الخيرية والإنسانية بالقيام بمسؤولياتها تجاه من تقطعت بهم السُبل بعدم تمكنهم من العودة لبلدانهم الأصلية أو الذين ساءت أعمالهم أو فقدوا وظائفهم وهم من المقيمين فى الدولة وكذلك فعلت السفارات والقنصليات العاملة فى الدولة ونسّقت مع الجهات ذات الإختصاص فيما يخص رعاياها الذين يرغبون فى العودة  ويعتبر ذلك واحداً من أهم نماذج النظام البشرى القائم على التعاون , التكاتف , الوفاء , الإحساس بالغير, الإيمان , وحدانية الرب لكل الأديان السماوية والكثير من الصفات التى ميزت الإنسان برجاحة العقل حتى إنه صنع الاَلة ويطورها يوماً بعد يوم لتسهيل وتعزيز القيام بذلك                                                                                    
هنا وفيما يخص القيام بالواجب تجاه الأوطان فى مثل هذه الأوضاع السائدة حالياً أو أوضاع أخرى مشابهة فى أزمنة أخرى فإنه يلزم الإشارة إلى سعادة عبدالله المسعود (له الرحمة والمغفرة ) الذى كان يشغل منصب رئيس المجلس الإستشارى الوطنى إضافة إلى كونه أحد مُلّاك مجموعة شركات ومؤسسات المسعود ومعروف أن عائلة المسعود من العائلات العريقة التى شقت طريقها فى تجارة اللؤلؤ قبل 150 عاماً وشملت فيما بعد مجال تجارة و أعمال البترول ومشتقاته , الإنشاءات , البناء , الصناعة , العقارات وكذلك السفريات وتجارة المجوهرات كما الحال فى الإستشارات بجميع مجالاتها وأيضاً وكالة سيارات نيسان و إنفينيتى ورينولد , وتتمثل الواقعة التى لا تُنسى بأن القوات المُسلّحة فى دولة الإمارات كانوا يرغبون فى شراء 4 اَلاف من السيارات للإستخدامات العسكرية إلاّ أن أى من وكلاء السيارات الأخرى لم يستطع توفيرها فى الوقت المحدد وكذلك العدد المحدد ولكن سعادة عبدالله المسعود إستطاع وفى فترة وجيزة توفير ذلك العدد من السيارات وعندما جاء وقت تسديد قيمتها له فإنه رفض ذلك فى ذلك الوقت لأنه إعتبر ذلك واجباً عليه تجاه بلده اَنذاك وبالتأكيد فإن الزمن لن ينسى له ذلك والأوطان تعرف كيف تكافئ مواطنيها الأوفياء الذين يستحقون أن تستمر أعمالهم فى المزيد من النماء والتوسع عندما أثبتوا الولاء لبلدهم وأن ما يملكون لايغلى على الوطن , ففى القمة الحكومية عام 2015 م التى حضرها بان كى مون الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة فى ذلك الوقت وحوالى 3800 مشارك من 87 دولة تقريباً تمت الإشادة بعائلة المسعود مُتمثلة فى شخص سعادة عبدالله المسعود وذلك فى الكلمة الرئيسية فى القمة والتى ألقاها اَنذاك سمو الشيخ محمد بن زايد اَل نهيان ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المُسلّحة